الخميس، 24 ديسمبر 2009

محمد بديع المرشد الثامن للإخوان المسلمين!


كما ذكرت في تدوينتي السابقة، لقد أصاب جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا ما أصاب المجتمع المصري من تصارع على المناصب وتغليب المصلحة الشخصية على المصالح العامة وتدني الأهداف الكلية وعدم الاعتراف بالرأي الآخر مع تجريمه ونعته بالعمالة وغير ذلك من مسميات.
لكن أخطر ما أصاب جماعة الإخوان المسلمين، من وجهة نظري، هو اختراقها من جهات خارجية بهدف بث الفتنة الداخلية والتي ستؤدي في نهاية الأمر إلى تقويض الجماعة، وقد سبق أن حدث هذا الاختراق لأحزاب مصرية مثل الشعب والأحرار والوفد، وجميعها نجح اختراقها في تقويضها والتخلص من الصداع المزمن الذي كانت تحدثه.
ونموذج الاختراق الذي تكرر في الساحة السياسية المصرية كثيرا خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة كان دائما يستلهم النموذج السوفيتي وما فعله جورباتشوف بالاتحاد السوفيتي، القوة العظمى الثانية قبل تفكك الاتحاد، حيث استطاع هذا الرجل بسياسته ودهائه أن يقضي على المنافس اللدود للولايات المتحدة الأمريكية وما كان يسببه من صداع مزمن لها.
ما يحدث في جماعة الإخوان المسلمين قريب الشبة بما حدث للاتحاد السوفيتي الذي انهار وتفكك، وما حدث للأحزاب المصرية التي تصدعت واختفت تقريبا من ساحة المنافسة، والأخوان المسلمون على الدرب قادمون بعدما أصابهم الصدع مؤخرا وبات هذا واضحا لمن هم داخل الجماعة أو المتابعون لها من الخارج.
والخلافات لم تبدأ مع انتخابات مكتب الإرشاد وإنما قبلها، صحيح أن اختلاف الرأي بين أكثر من فريق كان موجودا منذ النشأة بدليل خروج أكثر من معارض وانشقاقهم على الجماعة، ولكن كان يحدث ذلك دائما دونما تجريح لطرف من آخر وفي إطار فكري يضع الصالح العام في الاعتبار ولا يقف عند أهداف ورؤى شخصية.. كانت كما يقولون "معارك الكبار" أما اليوم فما نشاهده لا يندرج إلا تحت مسمى "لعب الصغار".
في هذا الإطار ووسط تلك الألعاب الصبيانية تأتي أنباء اختيار محمد بديع مرشدا ثامنا للجماعة ليخلف بذلك مرشدها السابع محمد مهدي عاكف الذي تنتهي ولايته في 13 يناير 2010 ويرفض تمديد فترة ثانية، وسوف يتسلم القيادة منه شخص غير معروف على الأقل خارج القطر المصري وهو أمر سلبي لجماعة أممية بحجم الإخوان المسلمين.
د.بديع لم يكن له علاقة مباشرة بالسياسة من قريب أو بعيد، وكل علاقته مرتبطة بالعمل النقابي، من خلال عضويته لمجلسي نقابة الأطباء البيطريين وإتحاد نقابات المهن الطبية، وقد ارتفعت أسهمه في الأزمة الأخيرة عندما اشتدت الحرب بين الدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة، والدكتور محمد حبيب، النائب الأول للمرشد حيث رجحت كفة بديع لأنه بعيد عن المشاكل.. فكان الأعلى أصواتا بين المرشحين في الانتخابات الأخيرة .
اختيار بديع مفاجأ بكل المقاييس ليس للإخوان فقط وإنما لكل القوى السياسية التي لم تسمع عنه شيئا ولم يكن له دور واضح في الحياة العامة وإن كان قريب من المجتمع الإخواني وهذه تمثل إشكالية حلها يبدو صعبا وتبعاتها سوف تظهر عند توليه بشكل فعلي مهامه التنظيمية.
ووفقا لما استطعت التوصل إليه من معلومات فإن مكتب الإرشاد توافق علي اسمين منهم وهما محمد بديع ورشاد بيومي، ويعتقد بعض الإخوان في ارتفاع كفة البيومي رغم حصول بديع علي أعلي الأصوات بشبه إجماع إلا أن الآلية التي تتخذها الجماعة لاختيار اسم المرشد لا تحسم بأعلي الأصوات بقدر ما يكون ما يمتلكه المرشح من مواصفات وإمكانات تناسب هذا المنصب حسبما يتراءي أعضاء المكتب، ولذلك يرجح هؤلاء اسم البيومي لما يتمتع به من حياد عن أطراف الصراع الذي دار بين جناحي الدكتور محمد حبيب نائب المرشد والدكتور محمود عزت أمين الجماعة، وسعيه للتوفيق بين الطرفين، لكن للأمور زوايا أخرى أهمها أن المرشد الذي ستنتهي ولايته محمد مهدي عاكف يدعم اختيار محمد بديع ليخلفه ويكون هو المرشد الثامن للجماعة.
ووفقا لموسوعة ويكيبيديا العالمية وموسوعة الإخوان الإسلامية فإن د. محمد بديع عبد المجيد سامي , واحد من أعظم مائة عالم عربي وفقاً للموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها هيئة الإستعلامات المصرية 1999م ، وهو مؤسس المعهد البيطري العالي بالجمهورية العربية اليمنية ، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ عام 1993م ولد في 7 أغسطس 1943 في المحلة الكبرى في مصر
يعمل حاليا أستاذ متفرغ بقسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري جامعة بني سويف، وقد مارس العمل النقابي وشغل منصب أمين عام النقابة العامة للأطباء البيطريين لدورتين، وكذلك أمين صندوق اتحاد نقابات المهن الطبية لدورة واحدة.
وهو زوج السيدة سمية الشناوي كريمة الضابط طيار محمد علي الشناوي من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين، ولديه من الأبناء "عمَّار" (مهندس كمبيوتر)، "بلال" (طبيب أشعة)، "ضحى" (طالبة صيدلة)، والأحفاد رؤى وحبيب وإياد.
تعرض للاعتقال ثلاث مرات كانت المرة الأولى سنة 1965م مع الأستاذ سيد قطب والإخوان، وحُكم عليه بخمسة عشر عامًا، قَضى منها 9 سنوات، وخرج في 4/4/1974م، وعاد لعمله بجامعة أسيوط، ثم نُقل إلى جامعة الزقازيق، وسافر بعدها لليمن حيث أسس هناك معهدها البيطري ، هعاد بعدها إلى جامعة بني سويف.
أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالسجن لمدة 75 يومًا في قضية جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف عام 1998م؛ حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة ببني سويف بعد اعتقال الحاج حسن جودة.
أما القضية الثالثة فهي قضية النقابيين سنة 1999م؛ حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن خمس سنوات، قضى منها ثلاث سنوات وثلاثة أرباع السنة وخرج بأول حكم بثلاثة أرباع المدة سنة 2003م.
ولا ينفي بديع وجود مشاكل وخلافات داخل جماعة الإخوان، ويؤكد (نعم حصلت مشكلة فى تفسير اللائحة، وهى مثل أى مشكلة تحدث بين إخوة فى أى بيت فيغلقون الباب حتى لا يدرى أحد خارج البيت، نحن نختلف ثم نتصالح، وتبقى الكلمة الطيبة بيننا).. وواضح أن الدكتور بديع لا يدرك أن الباب هذه المرة لم يغلق ومن هم خارج البيت صاروا أكثر دراية بمعارك الداخل!.
وفي تصريحات أخرى يبدو فيها عنف المرشد المرشح مع من يخالفوه يقول (أى أحد يخالف ويرفض أن يستمر معنا بمبادئنا وأهدافنا «يتفضل مع السلامة»، فمن لا يريد أن يسير معنا فلا نفرض أنفسنا عليه، واللى خرجوا فبسبب خلافات فى الرأى لأنهم أرادوا أن تسير الجماعة كما يريدون، كثيرون، ومنهم أنا اعترضت على بعض المواقف أو القرارات ومازلت مستمرا، فالرأى يؤخذ ويطرح بدون إصرار، لأن الإصرار يعنى وجود مصلحة شخصية، وهذا مرفوض فى الإخوان، واسألوا من خرجوا لماذا تركونا).
وعود على ما بدأت به التدوينة، ما حدث من اختراق لجماعة الإخوان المسلمين سيبتعد بها عن انتخابات مجلس الشعب المقبلة فى خريف 2010 بما يعنى أن فرص تكرار سيناريو انتخابات 2005 التى حصد بها الإخوان 88 مقعداً تبدو ضعيفة وهو نفس ما سيتكرر فى انتخابات النقابات المهنية، بل إن هذا الاختراق لا شك سوف يؤثر على انتخابات رئاسة الجمهورية فى 2011، لأنه لو أحكم المحافظون قبضتهم على مقاليد الأمور داخل الجماعة فإن ذلك سيؤدى إلى امتناع الجماعة عن لعب أى دور فى انتخابات الرئيس المقبل لمصر، بمعنى أن جماعة الإخوان لن تمنح أى مرشح معارض على منصب الرئاسة الفرصة لكسب تأييدهم والاستفادة من تنظيمهم ورصيدهم لدى قطاع من الشارع المصرى.. وهكذا يكون الاختراق قد نجح في تنفيذ أهدافه، والأيام بيننا.

الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

انتخابات الإخوان بين التوجيه والتزوير

ما الفرق بين التزوير والتوجيه في أي عملية انتخابية؟ وهل التزوير لا بد وأن يكون فقط من خلال تغيير النتائج أو الدفع بمن ليس لهم حق التصويت بدلا من أصحاب الحق الأصليين؟.
السؤال فرض نفسه بمناسبة ما حدث خلال انتخابات مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، حيث مارس قادة الجماعة الألاعيب ذاتها التي يتمترس بها أي حزب حاكم يعشق السلطة ويرفع شعار الغاية تبرر الوسيلة.
أجريت انتخابات مكتب الإرشاد وسط أجواء ضبابية، واثبت البعض أن آرائه ومواقفه تتبدل بحسب المصلحة الخاصة، وتأكد لي؛ على المستوى الشخصي؛ أن الجماعة أصابها ما أصاب المجتمع المصري وأن اعضائها كالمصريين جميعا يرفعون لافتة (أنا ثم أنا وأخيرا أنا) والكل يعتبر أنه الأجدر والأحق والأفضل والأنسب.. وغير ذلك من أفعال التفضيل.
وفيما يتوقع مراقبون أن تؤدي نتائج هذه الانتخابات التي تفاعلات داخل الجماعة، فإنّ مرشدها العام محمد مهدي عاكف، قال في بيان صحفي "إنّ انتخابات تشكيل مكتب إرشاد جديد لجماعة الإخوان المسلمين أُجريت طبقاً لقرار من مجلس الشورى العام للجماعة في الأيام القليلة الماضية؛ وذلك بعد استطلاع رأي مجلس الشورى العام، وكان رأي أغلبية المجلس أن يجري انتخاب كامل لمكتب الإرشاد، وكذلك كان رأي الأغلبية أن يتم انتخاب مكتب الإرشاد الآن".
ومع أن محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام للجماعة ذكر في تصريحات لموقع محيط "أن الجماعة أجرت انتخاباتها الأخيرة الخاصة بمكتب الإرشاد، بشكل حر ومباشر يتسم بالشفافية والديموقراطية السليمة"، إلا أنه عاد وانتقدها بعد استبعاده من مكتب الإرشاد وقال للجزيرة إن الدعوة للانتخابات لم تعرض على مكتب الإرشاد أو عليه كنائب أول للمرشد ولم يستشر فيها، وقال إن الدعوة للانتخابات ليست من اختصاص المرشد أو النائب الأول أو الأمين العام للجماعة، لكنها من اختصاص مكتب الإرشاد، ورأى أن ذلك إهدار للمؤسسية وفتح لباب من التجاوزات والخروقات، وأضاف أن إجراء الانتخابات بهذا الاستعجال هدفه تمكين فريق ما ضد فريق آخر وليس فقط استبعاده شخصيا بل التعدي على صلاحيات مكتب الإرشاد. وفي حوار آخر مع "إسلاميون.نت" طالب حبيب بتشكيل لجنة قانونية للبحث في مدى صحة هذه الانتخابات.
وكان عاكف قد أوضح أنّ نتيجة هذه الانتخابات أسفرت عن تشكيل مكتب الإرشاد الجديد من كل من الدكتور أسامة نصر الدين، وجمعة أمين، والدكتور رشاد البيومي، والمهندس سعد الحسيني، والدكتور عبد الرحمن البرّ، والدكتور عصام العريان، والدكتور محمد بديع، والدكتور محمد سعد الكتاتني، والدكتور محمد عبد الرحمن المرسي، والدكتور محمد مرسي، والدكتور محمود أبو زيد، والدكتور محمود حسين، والدكتور محمود عزت، والدكتور محمود غزلان، والدكتور محيي حامد، والدكتور مصطفى الغنيمي.
وما حدث خلال انتخابات مكتب الإرشاد يؤكد عمق الأزمة داخل جماعة الإخوان، كما أن تصريحات مرشدها محمد مهدي عاكف ونائبه محمد حبيب تؤكد أن الاثنان ليس على وافق؛ وكنت ألاحظ ذلك خلال لقاءاتي الصحفية في الفترة السابقة، وقد ترددت أنباء في الفترة الأخيرة حول إصرار المرشد العام على عدم اعتماد نتيجة الانتخابات الداخلية الأولية لغضبه الشديد من أن الإخوان لم يصوتوا لصالح قائمته التي أعدها ونصح بانتخابها وقرروا التصويت لقائمة ثانية أعدها الدكتور محمد حبيب!!، وبمجرد إعلان نتيجة الانتخابات أبلغ عاكف الجميع انه لن يوافق على هذه النتيجة وطالبهم بايجاد حل عاجل يقضي بتصعيد قائمته وإلا فانه سيثير لهم المشاكل ولن يعتمد نتيجة الانتخابات!!.
وهذ يعني أن هناك "توجيه" لإرادة الناخبين، وهو ما أشار إليه الدكتور إبراهيم الزعفراني عضو مجلس الشورى العام بقوله إن الإخوان لا يعرفون تزوير الانتخابات ولكن هناك ما هو أخطر من ذلك وهو "توجيه الانتخابات" بالإيجاب والسلب(!!) ضد أفراد وكذلك توجيه نتيجة وبالتالي تتشكل النتيجة حسب الفريق الأقوى.
وقال الزعفراني إن مستقبل الجماعة أصبح ضبابيا ولا يمكن التنبؤ به في ظل سيطرة فريق بعينه على الجماعة التي خسرت كثيرا من رصيدها على المستوى الداخلي والشعبي خلال الشهور الماضية، واقترح تشكيل لجنة مصغرة من مجلس شورى الجماعة تقوم بمحاسبة ومراقبة مكتب الإرشاد وطالب قيادات الجماعة بإعلاء مبدأ "المشاركة لا المغالبة"، وذكر أن خروج المخالفين في الرأي خارج الجماعة مؤشر خطير قد ينذر بضمورها.
وقد تمت انتخابات مكتب الإرشاد التي لم يعلن عنها بطريقة سرية لتفادي القبض على الأعضاء في حالة اجتماعهم، وكانت آخر انتخابات معلنة شهدها مكتب الإرشاد عام 1995 عندما اجتمع مجلس شورى الإخوان لاختيار أعضاء المكتب، وتم القبض وقتها على معظم أعضاء المجلس، وإحالتهم إلى المحكمة العسكرية.
ويعد مكتب الإرشاد الهيئة الإدارية والقيادة التنفيذية العليا لجماعة الإخوان، وهو المشرف على سير الدعوة والموجهه لسياستها وإداراتها والمختص بكل شئونها وتنظيم أقسامها وتشكيلاتها، ويتكون من 16 عضوا إلى جانب المرشد العام، ولا يتم الترشح لعضوية مكتب الإرشاد، بل إن أعضاء مجلس الشورى هم الذين يختارون أسماء محددة لهذه العضوية من بينهم.
وهناك من يقول إن الاستعجال كان من أجل الإطاحة بالدكتور حبيب حيث أن اللائحة الداخلية للجماعة تنص على ضرورة أن يكون نائب المرشد عضوا بمكتب الإرشاد الذي يختاره أعضاء مجلس الشورى، لكن مهدي عاكف رفض التعليق على عدم انتخاب حبيب، وقال "هذه هي نتيجة الانتخابات والشورى التي يتعبّد بها الاخوان لله تعالى، وليست صراعاً على مغانم كما يصوِّرها البعض".، ونفى عاكف الاتهامات بأنّ هناك صفقة أو ترتيب مع الأجهزة الأمنية لإجراء هذه الانتخابات.
ورغم ضبابية الموقف حاليا إلا أن الوضع الوحيد الظاهر والمؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين تشهد حالة من التوتر والانقسام وبدأ اشتعال فتيل الأزمة بين أعضاء الجماعة بمجرد إعلان نتيجة الانتخابات الداخلية لمكتب الإرشاد لدرجة أن بعض قواعد الجماعة، خاصة بين صفوف الشباب، شهدت حالة من التذمر وأكد بعضهم تمسكه ببيان سابق أصدروه عندما استشعروا بوادر أزمة بين قادة الجماعة والذي كان يدعو القيادة إلى مراجعة اللوائح الداخلية وتعديلها بشكل عملي يتناسب مع طبيعة ومتطلبات المرحلة، مع احترام الجميع لآليات الشورى ونتائجها والتأكيد علي سياسة الوضوح والشفافية بحيث يتم إعلان اللوائح المنظمة للنظام الداخلي والمساواة في كل الحالات وعدم ترك الباب للتأويلات والاجتهادات الشخصية التي توغر الصدور وتؤثر سلبا علي الصف، مؤكدين ان وحدة الصف وتماسك البناء هو من الثوابت واعربوا عن خشيتهم من ان تؤدي مثل هذه الاحداث لنماذج قاسية مرت بها الدعوة في اقطار أخرى ولذلك من الضروري نؤكد ان يكون إغلاق أي ملف لمشكلة بشكل عملي وموضوعي يضمن عدم تكرار المشكلة وعدم تفاقم تراكماتها.
الإصلاحيون الآن في مأزق حقيقي فالانتخابات في رأيهم غير صحيحة وإجراءاتها باطلة.. ولكن هل سيظل الوضع في هذا الاتجاه، أم يتم إقرارها أم أنه من الممكن الاستجابة لأصواتهم وإعادتها مرة أخرى.. لقد أكد الزعفراني على أن الانتخابات التي جرت إجراءاتها باطلة ولكنه استبعد في الوقت ذاته إعادتها، ورجح رضوخ فريق الإصلاحيين أو الفريق الأضعف كما وصفهم للتعايش من أجل وحدة الصف والحفاظ على الجماعة، وركز على أنه سيكون هناك ميل لتجاوز المرحلة والتعايش معها وذلك حفاظا على القاعدة العريضة الحزينة لمشاهدة قيادتها متمزقة، ففي رأيه أن هؤلاء لا ذنب لهم في تلك المشاكل.. لكن من وجهة نظري الشخصية اعتقد أن الملف لن يغلق قريبا خاصة إذا تأكد ظني من أن خروقات خارجية قد حدثت في صفوف الجماعة وقيادتها وهو الأمر الذي سيعجل بانهيارها.

الاثنين، 30 نوفمبر 2009

الجزائر.. وثورة المصريين ضد الفساد

فى الوقت الذى كانت فيه مصر والجزائر تتعاركان بسبب مباراة كرة قدم سوف تؤهل إحداهما إلى مونديال ٢٠١٠، تعادلت الدولتان فى حصيلة الفساد والشفافية حسب تقرير دولى أصدرته منظمة الشفافية الدولية.
واحتلت مصر والجزائر المركز الـ١١١ مكرر، فى التقرير الذى وضع قطر فى المركز الـ٢٢ باعتبارها أكثر الدول العربية شفافية، تلتها الإمارات ٣٠ وعمان ٣٩ والبحرين ٣٦ والأردن ٤٩ والسعودية ٦٣ وتونس ٦٥ والكويت ٦٦ والمغرب ٨٩ واليمن ١٥٤، والصومال الأخيرة عالمياً.
قرأت التقرير وتعجبت، لماذا لا يثور المصريين ويغضبوا ضد الفساد في بلادهم؟.. لقد ذكر تقرير منظمة الشفافية الدولية (Transparency International) أن مصر أصبحت أكثر فسادا في العام 2008 عن 2007 حيث تراجع موقعها فى تقرير المنظمة السنوي إلى المركز 115 من بين 180 دولة، وأعطى تقرير منظمة الشفافية الدولية مصر 2.8 نقطة في 2008 مقابل 2.9 في 2007، على "مؤشر الفساد".
ويتكون "مؤشر الفساد" من 10 نقاط، وتعد الدولة "أكثر نزاهة" كلما زادت نقاطها عليه، و"أكثر فسادا" كلما اقتربت من الصفر، وتعتمد تقارير المؤسسة، فى تقييمها، على "تصورات" قطاع الأعمال والخبراء والمحللين حول مدى انتشار الفساد فى دولهم بين الموظفين الحكوميين والسياسيين، ورؤية المواطنين لجهود حكوماتهم فى مكافحة الفساد.
وتراجع ترتيب مصر عالميا على "مؤشر الفساد" بشكل متواصل منذ 2005، فقد سجلت 3.4 نقطة على المؤشر في عام 2005، لتحتل المركز 70 من بين 159، ثم تراجعت إلى 3.3 في 2006، ثم إلى 2.9 في 2007، وتناول تقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر فى 2009 موضوع الفساد في القطاع الخاص، معتبرا أن الشركات هي لاعب أساسي في عملية محاربة الفساد حول العالم، ويصف التقرير الفساد بالمشكلة المعقدة والمدمرة في قطاع الأعمال ومحاربته تعتبر أكبر تحد كما أن الرشوة ليست سوى وجه واحد من أوجه الفساد.
مصر الحقيقية
وقراءة متأنية في تقارير أخرى، محلية ودولية، تؤكد حقيقة الأرقام التي ذكرها تقرير الشفافية الدولية وتوضح حجم الخطر الذي يحيق بالمصريين إذا لم يتنبهوا ويثورون ضد الفساد في بلادهم، ووفقا لتقرير صادر عام 2008 من مركز الدراسات الريفية فإن حوالي 39 ملياراً و373 مليوناً و524 ألف جنيه تم اهدارها في الفترة ما بين أبريل 2008 ويناير 2009 بسبب الفساد المالي والإداري.
وقد احتلت مصر المركز 134 من بين 134 دولة في معدل تعيين الاقارب والأصدقاء في المناصب المختلفة (تقرير التنافسية العالمية)، كما احتلت المركز 115 من بين 134 دولة في مؤشر مدركات الفساد الذي يقيس درجة انتشار الفساد بين المسئولين في الدولة (تقرير التنافسية العالمية)، والمركز 57 من بين 60 دولة في تقرير البؤس العالمي من حيث معدلات البؤس والشقاء والتخلف والفقر.
وهناك 48 مليون فقير يعيشون في 1109 مناطق عشوائية - أي 45% من المصريين (تقرير صندوق النقد الدولي للتنمية الزراعية)، كما أن 2.5 مليون مصري يعيشون في فقر مدقع (تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإدارية)، وبحسب لجنة الانتاج الزراعي يمجلس الشورى فإن 45% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ويحصلون على أقل من دولار في اليوم!.
و41% من إجمالي عدد السكان في مصر فقراء (تقرير التنمية البشرية العربية 2009) (28.6% في لبنان - 30% في سوريا - 59.9% في اليمن)، ويوجد 12 مليون مصري ليس لديهم مأوى منهم 1.5 مليون يعيشون في المقابر (الجهازا لمركزي للتعبئة العامة والإحصاء).
و46% من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافى للحركة والنشاط (تقرير لشعبة الخدمات الصحية والسكان بالمجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية التابع للمجالس القومية المتخصصة).
ومن الأرقام المخيفة أيضا أن هناك 10 مليون عاطل (في سن 15 الى 29 عاما) أي 21.7% من إجمالي قوة العمل، 9 مليون شاب تخطوا سن 35 عاماً دون زواج (5.5 مليون شاب + 3.5 مليون فتاة) بمعدل عنوسة 17%، و255 ألف حالة زواج عرفي بين الطلبة (أي 17% من طلبة الجامعات) نتج عنها 14 ألف طفل مجهول النسب.
ويبلغ عدد الشباب في مصر طبقاً لأحدث إحصاء رسمي، أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (الفئة العمرية من 15 : 29 عاماً 23.519 مليون نسمة، بما يشكل نسبة 31.33% من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 76 مليون نسمة.
انتماء المصريين
بعد كل هذه الأرقام المخيفة، هل يحب المصريون بلدهم!، ويحلمون بها نظيفة متقدمة يسود الحب والآخاء بين أبنائها؟، وهل ما حدث في شوارع مصر وفضائياتها ثورة شبابية حقيقية ضد كرامة مصرية قد أهدرت، حقا أو زيفا، في مباراة كرة قدم؟.. أم أن ما شاهدناه "تهييج إعلامي" زائف لشباب يبحث عما يتعلق به ويسد من خلاله فراغ حياته!.
لقد أكدت دراسة بجامعة عين شمس أن الواقع الديني والانتماء لدى الشباب مزيف، وأن الوعي للوطن مفقود، لعدة عوامل منها اقتصادية واجتماعية وسياسية وعالمية وأن كل هذه العوامل أدت في النهاية إلى تقوية تيارات العنف والإرهاب.. بل ومهدت لقبول الجماعات الإسلامية في المنطقة.
وأوضحت الدراسة التي قامت بها الباحثة الدكتورة عبير فريد أن هناك عوامل أدت إلى إحساس الشباب بالاغتراب وجعلته يبحث عن هوية تحمي ذاته فكانت الأيديولوجية الإسلامية، التي لجأ إليها الشباب كإطار مانح للهوية، وهو ما استغله المتطرفون والتيارات الدينية، من خلال شرائط الكاسيت و" C.D " ،بما فيها من تدمير للقدرة على إعمال العقل.
وفي الوقت نفسه، لم تتطور البرامج الدينية بل ساهمت في مزيد من تزيف وتفتيت الهوية والانتماء.. فلم تناقش القضايا الحياتية الكبرى مثل قضية الفقر، وانتشرت كتب عن الاعتقاد بالخرافات والطاعة العمياء لرجال دين جدد استطاعوا بأساليبهم العصرية جذب الشباب ذوي العقول الفارغة.
وأنتهت الدراسة مؤكدة أن غياب الانتماء مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالفقر والبطالة، فأينما تم حل لهاتين القضيتين يكون الانتماء.. فهي مؤشرات ارتفاع الانتماء لدى أفراد المجتمع.
هل وضحت الصورة، وتمت الإجابة على السؤال وعرفنا حقيقة ما حدث ويحدث في الشارع المصري.. إنها الطاقة العاطلة، ومن الأفضل استثمارها في مجالات أخرى قبل أن يفيق المصريون ويصرخون ثم يثورون ضد الفساد في بلادنا، ووقتها سيهرب الجميع ولن نجد في الساحة إلا المخلصين والشرفاء من أبناء مصر.

السبت، 3 أكتوبر 2009

الصين بين غشاء البكارة ولقاح الخنازير


الصين، هل هناك في العالم كله من لا يعرف هذه الجمهورية الشيوعية التي استطاعت أن تسيطر على الأسواق التجارية سواء في الدول المتقدمة أو تلك المتخلفة.

يوم الخميس الأول من أكتوبر 2009 أطفأت الثورة الشيوعية الصينية شمعة عيد ميلادها الستين، كيف أصبحت الصين بعد ستة عقود من إعلان زعيمها الأسطوري ماوتسي تونج قيام الدولة الشيوعية في الأول من أكتوبر‏1949‏ أمام ‏300‏ ألف شخص احتشدوا في ميدان تيان أن مين‏'‏ السلام السماوي‏'.

لقد أضحت الصين ثالث أكبر قوة اقتصادية في عالمنا المعاصر بفضل تحولها لورشة تصنيع كبيرة لحاجات شعوب الأرض‏، فهي تنتج‏75%‏ من ألعاب الأطفال،‏ و‏30%‏ من أجهزة الكمبيوتر، و‏60%‏ من الهواتف المحمولة‏،‏ و‏55%‏ من الكاميرات الديجيتال والـ دي في دي‏.‏
و الصين التي أصبحت في الفترة الأخيرة تصدر لعالمنا العربي سبحات وفوانيس رمضان والحج الملابس والمحجبات دمى بإربي ، المايوه الإسلامي، أنتجت في الفترة الأخيرة منتج جديد موجه في الأساس للأسواق العربية حيث انتشرت في الشهور الماضية أغشية بكارة صناعية مستوردة من الصين.


وأشار تقرير لوكالة أنباء "دى برس" السورية أن غشاء البكارة الصيني يباع في دمشق بـ 15 دولار، ونقلت الوكالة نص الإعلان الشائع في شوارع المدن الصينية الذي يقول "استعيدي عذريتك في خمس دقائق ، المنتج التكنولوجي الراقي.. سرك المفزع يختفي للأبد، استعيدي عذريتك بخمسة عشر دولارا بلا جراحة ولا حقن ولا أدوية ولا آثار جانبية بخمسة عشر دولارا فقط"!.


المنتج الذي مكث في الصين فترة تصنيعه فقط دخل الأسواق العربية وبطرق غير شرعية بحثاً عن مشترين بعد أن عانى الركود في بلد المنشأ، وهو حاليا يحظى بطلب كبير، كما يؤكد العديد من أطباء النساء الذين يرون أن مثل هذه المنتجات لم تكن يوماً بحاجة إلى حملة تسويقية خاصة، لأنها معدة لهذه المجتمعات وزبائنها قادرون على التقاطها مباشرة.

لقاح الخنازير
وحتى لا تأخذنا الظنون بالشعب الصيني، نؤكد أن هم الصينيين الأول هو التجارة والربح، وليس هدفهم، كما قد يدعي بعض المؤمنين بنظرية المؤامرة، إفساد أخلاق العرب، التي أصبحت فاسدة بالفعل ولولا ذلك لما فكر المستثمر الصيني في إغراق بلادنا بمنتجه اللا أخلاقي.

والدليل على ذلك هو دخولهم أيضا المجال الطبي الكيميائي بإنتاجهم لقاح أنفلونزا الخنازير، وقد زفت السلطات الصينية بشرى إلى دول العالم بإعلانها أن أول دفعة ممن حصلوا على اللقاح المضاد لفيروس أنفلونزا الخنازير لم تعان أى أعراض جانبية خطيرة.

وقد بدأت منذ نهاية شهر سبتمبر 2009 حملة تلقيح جماعي شملت نحو 100 ألف طالب في بكين، فيما يعد أول تلقيح جماعي في العالم ضد الوباء، وأعلنت إدارة مكافحة الأمراض في مكتب الصحة ببكين أن حملة التلقيح ناجحة، وأن اللقاح الذي ثبت أنه آمن وفعال في التجارب الإكلينيكية قد يسبب ردود فعل جزئية مثل الالتهاب والحمى، ولكن ذلك لا يمكن تجنبه، وتنوي الصين تطعيم 5% من تعدادها بنهاية هذا العام ( حوالي 50 مليون).

والصين هي القوة الاقتصادية الصاعدة لتسيطر بقوة على أسواق العالم وتجارته، ووفقا للتقارير الدولية فإنه بعد أن استطاعت الصين إزاحة ألمانيا عن مرتبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم، يبدو أنها تسعى بجدارة حاليا لتطيح أيضا باليابان من المركز الثاني الذي طالما تشبثت به على مدى عدة عقود.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير إن انتزاع الصين لهذا المركز قد يحدث في وقت قريب جدا, ربما في العام القادم، أي قبل خمس سنوات مما كان يتوقع سابقا، وأوضحت أن عدة حقائق إقليمية فرضت نفسها على الساحة. فسوف تؤدي التغييرات الإقليمية إلى إنهاء النظام الاقتصادي العالمي الذي ساد خلال أربعة عقود وما يستتبع ذلك على التجارة والدبلوماسية والقوة العسكرية في العالم.


تفوقت الصين أيضا على اليابان بتحقيق فائض تجاري كبير واحتياطي ضخم من العملات الأجنبية كما استطاعت أن تحتفظ بمركز الصدارة في صناعة الفولاذ، ومن المتوقع أن تصبح الصين في العام القادم أكبر منتج للسيارات في العالم لتتفوق على جارتها.وفي الصين يمثل دخل الفرد أقل من عشر ما يمثله في اليابان، لكن إذا قيس الاقتصاد بمقاييس أخرى فإن الاقتصاد الصيني استطاع أن يتفوق على الاقتصاد الياباني في نواح عدة، فبالنسبة للقوة الشرائية استطاعت الصين التفوق على اليابان منذ عام 1992 وسوف تتفوق على الولايات المتحدة في عام 2020.


ويقول سي إت كوان بمؤسسة نومورا سيكيورتيز إن ما يحدث يمثل "صدمة سيكولوجية كبيرة".، ويضيف كوان الذي أصدر كتابا بعنوان "اليابان رقم 1" في 1997 ويعمل حاليا لإصدار كتاب "الصين رقم 1" إن اقتصاد الصين قد يتفوق على الاقتصاد الأميركي في 2039 وقد يحدث ذلك عام 2026 إذا أطلقت الصين العنان لارتفاع قيمة الرينمنبي (اليوان الصيني) بنسبة 2% فقط سنويا، ويضيف أيضا "لم نعد نتحدث عن الصين التي تنتج الكثير من الأحذية.. بل الصين التي ستترك الجميع خلفها".

ولم تتبوأ الصين هذا المركز المتقدم على العالم فجأة أو بين عشية وضحاها، إذ أنه منذ عام 1978 وبعد أن تم تحرير الأسواق المالية في الصين في عهد دينج اكسيابينج (Deng Xiaoping ) تضاعف حجم الاقتصاد الصيني 70 مرّة وفي عام 2005 تفوّق الاقتصاد الصيني على الاقتصاد الفرنسي والاقتصاد البريطاني حجما ً في عام 2007 أصبحت الصين هي الاقتصاد الأكبر الثالث دوليا ً بعد تفوقها على الاقتصاد الألماني . حقق الناتج المحلي الإجمالي الصيني نموا ً مقداره 13% خلال عام 2007 ليصل مجمل قيمة الاقتصاد إلى 3.38 تريليون دولار).


ورشة للعالم
من يتابع التقدم الاقتصادي الذي تحققه الصين يصاب بالدهشة والإعجاب ‏في الوقت نفسه، إذ يبدو الأمر وكأن الصين قد تحولت إلى "ورشة عمل ‏للعالم" فالشركات الصناعية والخدماتية من كافة أرجاء الأرض تتقاطر ‏على هذا البلد منذ سنوات، بل إن صناعات وماركات عريقة انتقلت إلى ‏الصين من بلدانها الأصلية.‏


وأينما تواجدت في أسواق العالم، بما في ذلك البلدان الصناعية المتقدمة، ‏فستجد حضورا قويا للمنتجات الصينية وبعلامات تجارية عريقة تتميز ‏بجودة عالية وبأسعار تنافسية

ولكن، كيف حدث ذلك في بلد منغلق حتى سنوات قليلة مضت؟ وما ‏هو الدافع لهذا التهافت على السوق الصينية من قبل الاستثمارات الأجنبية؟ ‏والتي ساهمت بصورة فعالة في نمو الاقتصاد الصيني بمعدلات عالية لم ‏تصلها الاقتصاديات الصناعية الأخرى في العالم على مدى سنوات العقد ‏الماضي.‏

هناك العديد من العوامل التي ساعدت على هذا التغيير المهم في العلاقات ‏الاقتصادية الدولية، منها عوامل سياسية واقتصادية وهيكلية، وبالأخص ‏سقوط نظام القطبين والذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والعولمة ‏الاقتصادية التي أتاحت انفتاحا لا سابق له لحرية الأسواق وحركة رؤوس ‏الأموال في العالم وتوجهات الصين الرامية لإعادة هيكلة اقتصادها للتأقلم ‏مع هذه المستجدات وتسخيرها لخدمة نموها الاقتصادي.‏

التجربة الصينية تستحق الدراسة للاستفادة منها لتنمية الاقتصاديات النامية، ‏وخصوصا الاقتصاديات العربية، هذا إذا كان هناك أمل في المسئولين العرب.

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

تجربة شخصية مع الإجراءات الاحترازية من إنفلوانزا الخنازير

عائد من العمرة، بعدما أمضيت قرابة العشرة أيام في ضيافة الرحمن.. ترددت قليلا قبل السفر تأثرا بحمى إعلامية تحذر المعتمرين من موتهم بداء إنفلوانزا الخنازير، لكن لأننا نحن المسلمين نؤمن بأن هذه دعوة (من الله) حيث يدعو من يشاء لنيل ثواب زيارة البيت الحرام والمسجد النبوي الشريف، ولأننا نؤمن بذلك وجدت أن كل الأمور ميسرة بل أكاد أجزم أن هذه أول مرة في حياتي أتوجه إلى الأراضي المقدسة، وقد زرتها من قبل عشرات المرات، بهذه السهولة وذلك اليسر.

قبل السفر كنت أخشى "الويل" الذي يتوعدنا به المسئولين ليل نهار إذا نحن فكرنا في الذهاب للعمرة، اعتقدت أنني سأجد إجراءات سفر قاسية وتدقيق في الشهادة الصحية ومراجعة للسجل الصحي لكل مسافر.. لكني فوجئت بعكس ذلك في مطار القاهرة، بل لقد أنهيت إجراءات السفر في أقل من ربع المدة الزمنية التي كنت استغرقها عادة في مثل هذه الرحلة، ووجدتني أحلق في السماء داخل طائرة مصر للطيران دون أن يسألني أحد أو يرشدني طبيب أو ينصحني عالم.. إذن ما هذا الذي كنت اقرأه واستمع إليه!!، اكتشفت أنه حتى مع هذه النازلة نتعامل معها بمنطق (كلام الجرايد) الذي لا يخرج عن كونه تصريحات عنترية حنجورية لمسئولينا المنوطين بحماية صحتنا ووقايتنا من شر الأوبئة.

أما عند العودة فقد ظللت ليلة كاملة أدعو الله أن يقيني شر "الويل" الذي توعدنا به المسئولين لحظة عودتنا حيث كنت قرأت وأنا في رحلة الذهاب تحقيقا صحفيا في جريدة الجمهورية يشير إلى بدء الاستعداد لعودة المعتمرين وكيف أنه سيتم عزلهم لحماية البلاد من شر الأمراض التي صاحبتهم في رحلة العودة من العمرة، لدرجة أن البعض طالب بعزل العائدين في منطقة الحجر الصحي القديمة بطور سيناء!!، تخيلوا معي هذا القلق الذي انتابني، ولذلك مكثت ليلة كاملة بالحرم المكي أدعو الله أن يقيني شر الإجراءات الاحترازية من مسئولي وزارة الصحة المصرية.

وعلى باب طائرة مصر للطيران الرابضة في مطار جدة استقبلني طاقم الضيافة وهم يرتدون الكمامات الواقية، مما ضاعف من قلقي وزاد توتري، ها هم يعتبرون العائدين مجرد جراثيم متنقلة ينبغي الحذر عند التعامل معها، وما زاد من قلقي ذلك المسئول الذي استقبلني على باب الطائرة، وأظنه موفد وزارة الصحة، والذي أعطاني بطاقة بيضاء طلب مني ملئها بدقة وإعادتها إليه مرة أخرى، وكعادتي في حُسن الظن بالإجراءات الحكومية ظننت أن الأمر لا يعدو أن يكون إجراءً روتينيا خصوصا وأنه يتعامل مع وباء عالمي، وأن المسئولين سبق وتوعدوا وأسرفوا بالوعيد، لكن ما حدث على الطائرة وما بعدها يثبت أنك بالتأكيد في مصر!.

إذ أنه بعد دقائق من استقرارنا بالطائرة اختفت الكمامات الواقية من على وجوه طاقم الضيافة، وبدلا من أن يعطونا مثلها خصوصا أننا جميعا أصبحنا في مكان مغلق يسهل انتشار الأمراض فيه، إذ هم يتخلون عنها وسط سعال وعطس بعض الركاب الذين تعاملوا بمنطق ما أصابنا يجب أن يصيبكم.. كذلك فإن موفد وزارة الصحة لم يذكر لأي راكب كيف يملأ البطاقة الصحية التي دفع بها إلينا، ولم يراجع أو يدقق صحة البيانات التي ذكرها الركاب، بل لقد كنت مبالغا في ظني إذ اعتقدت أنه سيتولى الكشف الصحي علينا في الطائرة حتى ولو كان ذلك عن طريق مراجعة حرارة أجساد المسافرين.

لكني كنت واهما فلم يفعل موفد وزارة الصحة شيئا من هذا حتى مع هؤلاء الذين لم يتوقف سعالهم وعطسهم، بل أظن أنه لم يكن مؤهلا لذلك ومن المؤكد أنه ليس طبيبا لكنه مجرد أحد موظفي الوزارة وقد جاء في هذه المهمة عن طريق المجاملة وليستفيد من بدل سفر أو مكافأة وغير ذلك!.

ورغم هذه الصدمة الصحية إلا أنني لم أشأ أن أفقد حُسن الظن بالإجراءات الصحية، وتوقعت أنه بمجرد هبوط الطائرة أرض مطار القاهرة سوف أشاهد عربات الإسعاف تسرع في تلقف العائدين لتجري عليهم الاختبارات الصحية حتى تتأكد من خلوهم من المرض اللعين قبل أن تسمح لهم بالمرور وإلا فسوف تلقي بهم في المعازل الصحية وقاية للبلاد من شر المعتمرين المحملين بكثير من الأوبئة.

ورغم القلق والخوف من هذه الإجراءات، خصوصا مع خلفية وتجربة عن كيفية التعامل الرسمي المصري مع هذه مثل هذه الأزمات، إلا أنني كنت راغبا في تنفيذها حريصا عليها حتى اطمئن على نفسي أولا واطمئن من أنني لن أؤذي أهلي أو من التقي به بعد حين.

ومثلما كانت صدمتي على الطائرة، تلقيت أخرى مماثلة على أرض مطار القاهرة، إذ كنت واهما حين تصورت أن التعامل معنا سوف يكون على أعلى مستوى طبي، وسنمر على جهاز قياس حرارة الجسد، وسوف نخضع لمراقبة دقيقة حتى يتم التأكد من خلونا من مرض إنفلوانزا الخنازير، لكن كل هذا لم يتم ولم يراجعنا أحد وخرجنا مجموعات "بالزوفة" من صالة المطار.. وتيقنت وقتها أن كل ما قرأته سابقا لا يخرج عن كونه (كلام جرايد) وتصريحات حنجورية يطلقها المسئولين الذين يستخدمون دوما كريم الورنيش الإعلامي الذي يبقيهم لأطول فترة في الساحة الإعلامية.

الأحد، 9 أغسطس 2009

مصر الجديدة!!!

هذا ليس اسم الحي المشهور بعاصمة المعز لبلدي المحبوبة مصر، بل إنه عنوان رسالة نشرها أحد مستخدمي موقع في الجول، وقد جاءتني في الوقت المناسب لتؤكد على ما سبق وقلته عن حال مصر وأحوال المصريين.. رسالة الزميل التي وثق بياناتها وفقا للمصادر التي جمعها منها لا تحتاج لأي إضافة جديدة يكفي أن تقرأها ليزداد شعورك بالإحباط ويقينك بأن (فيه حاجة غلط) كما قلت في تدوينتي السابقة.

يقول الزميل: حاولت كثيرا أن اكبح جماح نفسي عن كتابة أي تعليقات حول هذه الأرقام المذهلة التي قضيت وقتا طويلا في جمعها من الصحف والتقارير الرسمية التي ترد إلى بوسائل مختلفة.
كل ما ارجوه منك عزيزي القارئ أن تحاول البحث كما فعلت ولكن عن الايجابيات فقط، فيكفينا ما أوردته هنا من سلبيات، كما أرجو أن يكون في هذه الأرقام ما يكفي للرد على السيد أحمد عز وغيره من قيادات الحزب الوطني الذين أصابونا بصداع مزمن حول انجازات الحزب الذي يحكم البلاد لأكثر من ثلاثين عاماً متواصلة .. وهذه هي نتائجه!.

(ملحوظة: في اغلب التقارير إن لم يكن كلها، كلما تأخر ترتيب الدولة دل ذلك على تدهور حالتها في الموضوع محل التقييم).

الحالة النفسية
20 مليون مصري مصابون بالاكتئاب.
1200 حالة انتحار سنويا، 24% منها في القاهرة، 19.5% في القليوبية.
تحتل مصر المركز 57 من بين 60 دولة في تقرير البؤس العالمي من حيث معدلات البؤس والشقاء والتخلف والفقر.

مؤشرات الفقر
48 مليون فقير يعيشون في 1109 منطقة عشوائية - أي 45% من المصريين (حسب تقرير صندوق النقد الدولي للتنمية الزراعية).
2.5 مليون مصري يعيشون في فقر مدقع (تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإدارية).
45 % من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ويحصلون على أقل من دولار في اليوم (لجنة الإنتاج الزراعي بمجلس الشورى).
41 % من إجمالي عدد السكان في مصر فقراء (تقرير التنمية البشرية العربية 2009) (28.6% في لبنان - 30% في سوريا - 59.9% في اليمن).
12 مليون مصري ليس لديهم مأوى منهم 1.5 مليون يعيشون في المقابر (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء)
16 % من دخل الفرد في مصر ينفق على الطعام والشراب!.
46 % من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافي للحركة والنشاط (تقرير لشعبة الخدمات الصحية والسكان بالمجلس القومي للخدمات والتنمية الاجتماعية التابع للمجالس القومية المتخصصة).

الحريات وحقوق الإنسان
40 حالة تعذيب مثبتة رسميا في 2007 و28 حالة في 2008 غير الحالات التي لم يمكن إثباتها(المنظمة المصرية لحقوق الإنسان).
93 حالة وفاة تحت التعذيب في 2007، 56 حالة لتعذيب المواطنين داخل أقسام الشرطة، من بينها (13) حالة وفاة غامضة و25 حاله اضطهاد واحتجاز تعسفي، وذلك خلال الفترة من يونيو 2008 حتى فبراير 2009 (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان).
مئات الأحكام القضائية واجبة التنفيذ كتعويضات وإفراج عن سجناء لا تنفذ ولا يوجد سبيل لإجبار وزارة الداخلية على تنفيذها)!.

النقل والمواصلات
22.4 ألف حادث سيارة في 2007.88 ألفًا و779 قتيل، و379 ألف و233 مصاب بسبب حوادث الطرق في الفترة ما بين 1990 إلى 2006، والمركز الأول على مستوى العالم في معدلات خسائر الأرواح(الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء).
7394 حادث بقطاع السكة الحديد في الفترة ما بين 2000 و2006 أسفرت عن مصرع 573 شخصا وإصابة 805 آخرين.
4 مليارات جنيه خسائر سنوية بسبب حوادث الطرق (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار).

الفساد
39 ملياراً و373 مليوناً و524 ألف جنيه تم إهدارها في الفترة ما بين أبريل 2008 ويناير 2009 بسبب الفساد المالي والإداري (تقرير عام 2008 لمركز الدراسات الريفية).
8 مليار جنيه دعم سنوي لأنابيب البوتاجاز (يبلغ احتياطي مصر من الغاز الطبيعي 67 تريليون قدم مكعب، وتبيع المليون وحدة حرارية لإسرائيل 1.5 دولار والتي يتكلف إنتاجها 2.65 دولار بينما سعر التصدير العالمي من 6 إلى 8 دولارات للمليون وحدة حرارية).
المركز 134 من بين 134 دولة في معدل تعيين الأقارب والأصدقاء في المناصب المختلفة (تقرير التنافسية العالمية).
المركز 115 من بين 134 دولة في مؤشر مدركات الفساد الذي يقيس درجة انتشار الفساد بين المسئولين في الدولة (تقرير التنافسية العالمية).
المركز 72 من 134 على مؤشر الشفافية والنزاهة لمنظمة الشفافية العالمية في 2006، ثم المركز 105 في 2007 ثم المركز 115 في عام 2008 (منظمة الشفافية العالمية).
المركز 77 من بين 146 دولة في تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2007 (إسرائيل من أفضل 20 دولة).

المجال الصحي
ربع سكان مصر يعانون من ضغط الدم.أعلى معدل لوفيات الأطفال في العالم (50 طفل لكل 1000 مولود)، 3 في السويد، 4 في اليابان (جهاز التعبئة العامة والإحصاء).
%29 من أطفال مصر لديهم تقزم و14% لديهم قصر قامة حاد وطفل من كل اثنين لديه أنيميا (مديحه خطاب رئيس لجنة الصحة بأمانة سياسات الحزب الحاكم)
9 مليون مصري مصابون بفيروس سي( تحتل مصر المركز الأول في معدلات الإصابة بالمرض على مستوى العالم).
8 مليون مواطن مصابون بالسكر والمركز الثاني على مستوى العالم في الوفاة بسبب المرض (مديحه خطاب رئيس لجنة الصحة بأمانة سياسات الحزب الحاكم).
من أعلى معدلات الوفيات على مستوى العالم بسبب أنفلونزا الطيور الذي أصبح مرضاً متوطناً في مصر (إلى جانب مخاوف من توطن أنفلونزا الخنازير ، ظهور حمى التيفود، مخاوف من أنفلونزا الكلاب).
4 % من سكان مصر يعانون من مرض أنيميا البحر المتوسط الذي يصيب الأطفال (تقرير لوزارة الصحة)
20 ألف مواطن يموتون سنويا بسبب نقص الدماء (تقرير لوزارة الصحة).
أكثر من 200 حالة إصابة بحمى التيفود، منها 164 في قرية واحدة خلال أقل من أسبوعين (ولا يزال السيد المستشار عدلي حسين محافظاً للقليوبية).
أكثر من 100 ألف مواطن مصري يصابون سنوياً بالسرطان بسبب تلوث مياه الشرب (د‏.‏ أحمد لطفي استشاري أمراض الباطنة والقلب بمستشفي قصر العيني).
مؤشرات أخرى
%26 من المصريين لا يعرفون القراءة أو الكتابة.
16 شابا من بين 100 شاب شربوا المخدرات.
178 مليار جنيه تكلفة علاج الإدمان في عشر سنوات فقط.10
مليون عاطل (من سن 15 إلى 29 عاما) أي 21.7% من إجمالي قوة العمل).
9 مليون شاب تخطوا سن 35 عاماً دون زواج (5.5 مليون شاب + 3.5 مليون فتاة) بمعدل عنوسة 17%.
255 ألف حالة زواج عرفي بين الطلبة (أي 17% من طلبة الجامعات) نتج عنها 14 ألف طفل مجهول النسب.
المركز 129 بين 134 دولة في معدل هجرة العقول العلمية والموهوبة وتعد أسوأ دول الشرق الأوسط في ذلك (تقرير التنافسية العالمية).
المركز 134 من بين 134 دولة في مؤشر كفاءة سوق العمل (تقرير التنافسية العالمية).
المركز 125 من بين 134 دولة في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي (تقرير التنافسية العالمية).
***
وما زلنا نتحدث عن مصر وعما جرى للمصريين، أتمنى من لديه رؤية إيجابية أن يسرع ويمدني بها قبل أن تنفجر رأسي!!

السبت، 1 أغسطس 2009

هي دي مصر!!!

لما تلاقي الزبالة حواليك في كل مكان
لما تسمع بودانك صوت الكلاكسات صبح وليل
لما تشوف بعينيك العربيات راكنة فوق الرصيف
والناس ماشيين في وسط الشارع بين العربيات
لما بتقرأ الصبح إن ميه الصرف دخلت على ميه الشرب
وتلاقي المسئول ودن من طين والتانية من عجين
لما تلاقي الفساد ساكن في كل مكان والرشوة بقت حلال
يبقى أنت أكيد في مصر!!
لما تفتكر في يوم إن آخر مكالمة لأمك كانت من شهر
وإن ولادك مجرد رسالة sms في جوالك بعتها من شهر
لما تلاقي مراتك بتستريح لزميلها في الشغل.. وتديك ضهرها في البيت
لما تقرأ إن الابن قتل أبوه علشان (ملاليم) وتسمع عن زنا المحارم
لما تلاقي الشيخ بيوعظ الناس من الفجر.. وولاده ما بيصلوش العصر
لما تلاقي أنت وجارك بتستخبوا علشان متشفوش بعض
يبقى أنت أكيد في مصر!!
لما تلاقي إن الأمية بقت أكتر من 60%
وإن المتخرج من الجامعة يدوب يفك الخط
وإن المدرس بينام في الفصل ويدي دروس حتى آذان الفجر
لما تلاقي إن الشوارع زحمة في عز الظهر
وإن الموظفين بيرحوا الشغل ساعة القبض
لما تلاقي إن كل واحد بيقول وأنا مالي
يبقى أنت أكيد في مصر
****
صحيح هي دي مصر؟
صحيح مصر جوه دمي؟
صحيح مصر هي أمي؟
صحيح أحنا ولادك يا مصر؟
أكيد فيه حاجة غلط.

الخميس، 23 يوليو 2009

قراءات عيد الميلاد


تعودت كل عام أن أحتفل في يوم مولدي بقراءة كتاب انتقيه ليضيف إلى رصيدي معلومات جديدة، هذا العام أحسست أني أرغب كسر القاعدة، شعرت أنه لا توجد لدي رغبة في قراءة جديدة لذلك رحت أفتش في دفاتري القديمة عن كلمات سبق وكتبتها أو قرأتها في السنين الماضية.

وأمام بعض هذه العبارات توقفت وأدركت أنها لم تزل تدغدغ عواطفي وتداعب خيالي ويمرح معها عقلي.. تيقنت وقتها أنني لم أكبر بعد وما زال أحساس الشباب يراودني عن نفسي فهل استجيب؟

عموما هذا ما أعدت قراءته وهذه الكلمات التي عزفت على أوتاري الداخلية ربما تدركون شيئا لم استطع بعد الوصول إليه.. المهم أن تقرؤوها بقلوبكم وليس بأعينكم.


الأولى..
لكي تكون ناجح في حياتك عليك أن تكون "الفاعل" وليس "المفعول به"...هناك أناس تعتبر نفسها دائما "المفعول به" طوال الوقت.. وأناس آخرين تعتبر نفسها "فاعل" مهما حصل..والنوع الثاني من الناس هم الذين ينجحون دائما في حياتهم.الشخص "المفعول به"هو الشخص الذي لا يذهب للعمل لأن السماء تمطر!! هو الشخص الذي يظن دائما أنه ضحية الظروف وأن من حوله وما حوله هم سبب شقائه وبؤسه..الشخص الفاعل...هو الشخص الذي يحضر مظلة ليذهب لعمله حين تمطر السماء.. هو الشخص الذي لا تتحكم فيه الظروف بل هو الذي يسخرها لصالحه وأن أي عقبة في طريقه هي مجرد تحد آخر له يجب أن يواجهه ليصل لهدفه.الحكمةيجب أن تؤمن دائما أن حياتك من صنعك أنت وليست من صنع الظروف التي حولك سخرها لمصلحتك دائما وأنظر إلى الحكمة منها وأن العقبات وُجدت في طريقك كي تواجهها وتتخطاها لا لتستسلم لها .. لأجل ذلك عليك أن تؤمن أن حياتك هذه أنت المسيطر عليها تماما ..وأنك أنت سبب نجاحك أو فشلك.


الثانية..
إن أحسست يوماً بأنك مرهق من تعب السنين وأن ابتسامتك تختفي خلف تجاعيد الأيام.. إن شعرت أن الدنيا أصبحت سجنا لأنفاسك وأن الساعات لا تعني إلا مزيداً من الآلام.. أرسم على وجهك ابتسامة من قهر واسكب من عينك دمـعـة مـن فرح...
إن طعنك صديق أو احتلك الضيق.. إن فقدت كل شيء وتحطم طموح على كف المستحيل افتح عينك للهواء ولا تهرب من نفسك في الظلام . تعلم فن التسامح و عش بمنطق الهدوء . .لا تجعل قلبك مستودعا للكره والحقد والحسد والظلام .
رغم كل ما فيك من أوجاع احمل في قلبك ريشة ترسم بها لوحة يتذكرك بها الآخرون ولا تجعل فيه رصاصة تغتال بها كل ما حولك . .

الثالثة..
يحكي أنه في قديم الزمان كانت الفضائل والرذائل.. تطوف العالم معا".. وتشعر بالملل الشديد.... وذات يوم... وكحل لمشكلة الملل المستعصية... اقترح الإبداع.. لعبة.. وأسماها الأستغماية.. أحب الجميع الفكرة...وصرخ الجنون: أريد أن أبدأ.. أريد أن أبدأ... أنا من سيغمض عينيه.. ويبدأ العدّ... وأنتم عليكم مباشرة الاختفاء.... ثم أنه اتكأ بمرفقيه..على شجرة.. وبدأ... واحد... اثنين.... ثلاثة....وبدأت الفضائل والرذائل بالاختباء.. وجدت الرقة مكانا لنفسها فوق القمر.. وأخفت الخيانة نفسها في كومة زبالة... وذهب الولع واختبأ... بين الغيوم.. ومضى الشوق الى باطن الأرض...الكذب قال بصوت عال: سأخفي نفسي تحت الحجارة.. ثم توجه لقعر البحيرة.. واستمر الجنون: تسعة وسبعون... ثمانون.... واحد وثمانون.. خلال ذلك أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها.... ماعدا الحب... كعادته.. لم يكن صاحب القرار... وبالتالي لم يقرر أين يختفي.. وهذا غير مفاجئ لأحد... فنحن نعلم كم هو صعب إخفاء الحب.. تابع الجنون: خمسة وتسعون........ سبعة وتسعون.... وعندما وصل الجنون في تعداده إلى: مائة ،،،،،،قفز الحب وسط أجمة من الورد.. واختفى بداخلها.. فتح الجنون عينيه.. وبدأ البحث صائحا": أنا آت إليكم.... أنا آت إليكم.... كان الكسل أول من أنكشف...لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه.. ثم ظهرت الرقّة المختفية في القمر.... وبعدها.. خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس ... !!وأشار على الشوق أن يرجع من باطن الأرض... وجدهم الجنون جميعا".. واحدا بعد الآخر.... ماعدا الحب...كاد يصاب بالإحباط واليأس.. في بحثه عن الحب...إلى أن اقترب منه الحسد وهمس في أذنه: الحب مختف في شجيرة الورد... التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح.. وبدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش ،،،،،، ليخرج منها الحب ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب... ظهر الحب.. وهو يحجب عينيه بيديه.. والدم يقطر من بين أصابعه.... صاح الجنون نادما": يا الهي ماذا فعلت؟.. ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر ؟... أجابه الحب: لن تستطيع إعادة النظر لي... لكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي... كن دليلي ... ومنذ ذلك الحين....يمضي الحب الأعمى... يقوده الجنون!
وختاما..
يا رب .. كثرت علينا نعمك .. وغمرتني حتى كأنني أفضل الناس أجمعين .. ليس لي أن أحمدك إلا كما علمتني .. أن الحمد لله .. رب العالمين.

الأربعاء، 22 يوليو 2009

الفقر المصري.. والعربي!

يحكى أن مصر كانت سلة غذاء العالم، يجوع العالم ولا يجد من يسد رمقه وينقذه من جوعه إلا مصر، منذ أيام سيدنا يوسف بل والمؤكد من قبله، وظلت كذلك حتى العصر الحديث، منذ سنوات قليلة في عمر الزمن كثيرة من عمر المصريين.

ما زلت أذكر حكاوى المحمل الذي كانت ترسله مصر سنويا إلى بلاد الحجاز وكيف كان سكان الجزيرة العربية ينتظرونه من عام إلى عام.

تدريجيا تحولت مصر وصارت تمد يدها وتتسول غذائها!!، سياسات غبية حمقاء حولت المصريين من شعب منتج يكتفي ذاتيا ويطعم الآخرين إلى شعب ينام نصفه وبطنه خاوية.

تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2009، والذي صدر منذ أيام قليلة، أفاد بأن معدلات الفقر في مصر تبلغ 41% من إجمالي عدد السكان!، وأن معدلات الفقر العام تتراوح بين "28.6% و30% في لبنان وسوريا في حدها الأدنى ونحو 59.9 % في حدها الأعلى في اليمن، وبذلك تأتي مصر كصاحبة أكبر معدلات الفقر العام بعد اليمن!.
وأضاف التقرير "استنادا إلى عينة تمثل 65% من إجمالي السكان العرب فإن من المعقول التكهن بأن النسبة الكلية لمعدلات الفقر في مستوى الخط الأعلى في حدود 39.9%، وبموجب هذا المقياس هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر.
ولاحظ التقرير، الذي أعده نحو مائة من المفكّرين والباحثين العرب بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، انتشار نسبة الفقر والجوع «اللذين يمتدّان على الرغم من وفرة الموارد المالية في المنطقة العربية ككلّ».
ووفقا لما ورد بالتقرير فإنّ واحدًا من كل خمسة أشخاص في المنطقة العربية يعيش تحت خط الفقر المعترف به دولياً، المتمثّل بدولارين في اليوم، بينما نسبة الذين يعيشون على أكثر من ذلك بقليل ولا يستطيعون تحمّل تكاليف الحاجات الأساسية، يفوقون هذه النسبة بأشواط.

وذكر أنّ حوالي خمسي سكّان المنطقة العربية يعيشون في ظلّ الفقر، وأن قطاعاتٌ واسعة من سكّان بلدان الدخل المنخفض تواجه حرمانًا كبيراً من أبسط الحاجات مثل عدم الحصول كفايةً على المياه الصالحة للشرب وازدياد حالات نقص الوزن بين الأطفال.

وأوضح التقرير أن عدد الأشخاص الذين يعانون قصور التغذية في المنطقة ازداد من حوالي 19,8 مليون في فترة 1990-1992 إلى 25,5 مليون في فترة 2002-2004.

وقال التقرير، الذي يعتبر المجلد الخامس من سلسلة تقارير التنمية الإنسانية العربية التي يرعاها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن البطالة تعد من "المصادر الرئيسية لانعدام الأمن الاقتصادي في معظم البلدان العربية وحسب بيانات منظمة العمل العربية (2008) كان المعدل الإجمالي لنسبة البطالة في البلدان العربية 14.4% من القوى العاملة في العام 2005 مقارنة ب 6.3 % على الصعيد العالمي.
وبالنسبة إلى البلدان العربية ككل (وباستخدام عدد العاطلين عن العمل في العام 2005) وصل المعدل المثقل لنمو البطالة إلى نحو 1.8 %".

وحسب التقرير فإن معدلات البطالة المحلية تتفاوت بدرجة ملموسة بين بلد وآخر "إذ تتراوح بين 2 % في قطر والكويت ونحو 22 %، في موريتانيا غير أن البطالة في أوساط الشباب تمثل في كل الأحوال تحديا جديا مشتركا في العديد من البلدان العربية."

وأوضح التقرير أن اتجاهات البطالة ومعدلات نمو السكان تشير "إلى أن البلدان العربية ستحتاج بحلول العام 2020 إلى 51 مليون فرصة عمل جديدة، فمن أين سيتم توفيرها؟.

وتحدث التقرير عن مواطن الضعف الاقتصادي العربي حيث "تشكل الدرجة العالية من التقلب في نمو الاقتصاد العربي دليلا واضحا على ضعف هذا الاقتصاد، وذكر أن الأمن الاقتصادي في المنطقة العربية المرتبط بتقلبات أسواق النفط العالمية كان ولا يزال رهينة تيارات خارجية المنشأ."

وأشار التقرير إلى أن "الذي يهدد امن الإنسان العربي يتجاوز مسألة النزاعات المسلحة ليشمل قضايا أخرى أساسية منها التدهور في البيئة والوضع الهش لعدد كبير من الفئات الاجتماعية والتقلب الاقتصادي الناتج عن الاعتماد المفرط على النفط والأنظمة الصحية الضعيفة وعدم خضوع الأجهزة الأمنية للمساءلة".. وما زال للحديث بقية.

الأربعاء، 8 يوليو 2009

مروة الشربيني


المصرية مروة الشربيني التي قتلها متطرف ألماني طعنا داخل قاعة إحدى المحاكم بمدينة دريسدن الألمانية الخميس 2 يوليو 2009، أفسدت الصورة الذهنية التي حاول باراك أوباما رسمها في عقول المسلمين بعد خطابه الشهير بجامعة القاهرة في مصر.

قتل مروة أكد أن العداء للمسلمين مستمر، حتى وإن كان بصورة فردية، وأن مجرد التزام المسلم بقواعد دينه (مثل حجاب مروة) يثير التعصب ضدها، وكذلك فإن وصف جميع المسلمين بالإرهابيين ما زال مستمرا بدليل أن الإعلام الغربي لم يهتم بالحادثة وإن كان العكس هو الذي حدث لقامت قيامة الغرب على المسلمين وقرأنا وقتها نعتنا كلنا بالإرهابيين.. كلام أوباما إذن عن حوار وتعامل ومصالح مشتركة وكسر الصور النمطية ذهب أدراج الرياح بفعل متطرف واحد.

لم يستغرق الجاني أقل من دقيقة لينفذ جريمته، فقد أجهز خلال تلك المدة بثمانية عشر طعنة بالسكين على مروة البالغة 32 عاما من العمر، قتلها وهي حامل بالشهر الثالث، وأصاب ابنها مصطفى (دون الرابعة من العمر) بجروح، كما أصاب زوجها بجراح خطيرة، إضافة إلى إصابته في ساقه نتيجة رصاصة طائشة من جانب رجال الشرطة.

كيف دخل هذا المجرم إلى قاعة المحكمة بسكين بين طيات ملابسه، وكيف تركه القضاة طوال هذه المدة وهو يطعن الضحية، هل تتخيلوا معي هذا الحادث وهؤلاء القضاة الذين يسعون لتحقيق العدل وهم جالسون على منصة القضاء ويرون الضحية تذبح ولا يحرك لهم هذا المشهد المرعب ساكنا!، والشرطي رجل الأمن والنظام يراقب المشهد أيضا ولا يتأثر، وعندما يحاول الزوج الذود عن رفيقة عمره، وقتها يصحو الشرطي ويطلق على الزوج الرصاص بدلا من أن يوجهه إلى صدر الجاني!.. إنها قمة المأساة التي تعامل معها الغرب ببرود شديد ومثلهم كان المسئولين العرب الذين صاروا مومياوات على كراسي الحكم.

وتعود بداية القصة إلى خريف 2008، حينما بدأت وقائعها في ملعب للأطفال بمدينة درسدن شرق ألمانيا، وكان الرجل يسلّي طفلة من أقاربه بأرجوحة للأطفال، ورأت مروة أن الطفلة الصغيرة في مثل عمر ابنها مصطفى، فسألت الرجل أن يجلسا معا في الأرجوحة بعد أن طال مقام الطفلة فيها، ربما كانت تلك صورة من صور التواصل والاندماج الذي لا يغيب الحديث عنه بشأن المسلمين في ألمانيا.

ولكن بدلا من أن تتلقى جوابا بالقبول أو الاعتذار، بدأ الرجل يكيل لها الشتائم، وصدر بحقه لهذا السبب حكم سابق بغرامة مالية بقيمة 780 يورو بسبب الاهانات، وبعد ذلك انتقلت القضية إلى محكمة الاستئناف بناء على طلب الجاني لأنه غير قادر على دفع غرامة ما..

المحكمة ذكرت في حيثيات هذا الحكم الذي أصدرته في نوفمبر الماضي أنها تأكدت من وصف المتهم للمدعية بـ"الإرهابية المسلمة" و"العاهرة" لمجرد أنها طلبت منه إتاحة الفرصة لطفلها للعب بأرجوحة في حديقة الأطفال العامة بدريسدن.

كانت مروة وزوجها يعيشان مع طفلهما في درسدن اعتمادا على منحة دراسية، إذ كان الزوج يحضر لرسالة الدكتوراه في علم الأحياء الجزيئي للخلايا في معهد ماكس بلانك المرموق عالميا، وكانت مروة تعمل في إحدى الصيدليات.

القاتل آلكسي وإن لم يعرف عنه أي انتماء إلى منظمة متطرفة، هو شبه أجنبي في ألمانيا واقعيا، فقد ولد في روسيا في عائلة من أصول ألمانية، وهاجر إلى ألمانيا عام 2003، ولم يحمل شهادة مدرسية، إذ لم يستطع إكمال دراسته، واشتغل عاملا دون كفاءات أو مهارات تذكر في أحد المخازن، وعاش في ألمانيا على المعونة الاجتماعية.

وذكرت صحيفة دريسدنر مورغن بوست أن الجاني أليكس دبليو فاجأ القضاة والحضور خلال نظر المحكمة دعواه، ووجه للصيدلية المصرية الحامل في الشهر الثالث 18 طعنة نافذة أدت إلى وفاتها على الفور أمام أعين ابنها البالغ ثلاثة أعوام.

وأضافت الصحيفة أن زوج الضحية -وهو مبعوث للحصول على درجة الدكتوراه في معهد ماكس بلانك للفيزياء بدريسدن- حاول حماية زوجته غير أن الجاني عاجله بثلاث طعنات شديدة في الكبد والرئة، مشيرة إلى أن الزوج الذي يرقد في حالة صحية حرجة تعرض أيضا لإصابة بالرصاص من شرطي بالمحكمة اعتقد أنه الجاني.


التفاصيل التي لم يذكرها الإعلام الغربي ذاته قد تكون أهم من الحدث نفسه وأهمها أن مروة كانت حاملا في شهرها الثالث وقتل طفلها معها وأن ابنها الصغير ذي الأربعة أعوام شاهدها أمام عينيه وهي تقتل وأنها طعنت 18 طعنة دون تدخل من القاضي ومن حوله وعندما تدخل زوجها طعنه القاتل وأطلقت الشرطة الألمانية النار على الزوج!.

ردود الفعل الألمانية اقتصرت على توجيه النيابة العامة في دريسدن إلى أليكس دبليو تهمة القتل العمد وقررت حبسه إلى حين انتهاء التحقيقات، ووصف كريستيان أفيناريوس المتحدث باسم الادعاء العام في دريسدن الجاني بأنه ألماني من الذين هاجروا إلى روسيا لفترة ثم عادوا وهو يعتبر متطرفا ومعاديا للأجانب.

أما رئيس اتحاد القضاة الألمان كريستوف فرانك فعبر في تصريح لشبكة "زد.دي.أف" عن استغرابه من عدم الوجود الأمني في قاعة المحكمة التي وقعت فيها حادثة القتل، وأشار إلي أن المطارات الألمانية تحظى بإجراءات أمنية مكثفة في الوقت الذي تندر فيه هذه الإجراءات داخل قاعات المحاكم.

وقد اعتبرت باحثة ألمانية بارزة أن العداء للإسلام هو الدافع الرئيسي وراء قيام متطرف ألماني بقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني، وقالت المسؤولية الإعلامية في نورنبرغ د. زابينا شيفر إن مظهر الراحلة الدال علي انتمائها الديني، وسب الجاني أليكس ووكر لها ونعته إياها بالإرهابية الإسلامية جعل مما حدث في دريسدن أول جريمة قتل ترتكب في ألمانيا بدافع من كراهية الإسلام.

ورأت أن دأب الإعلام الألماني طوال العقود الأخيرة على تقديم صور سلبية للإسلام جعلته مرادفا للعنف والتخلف والاضطهاد مما أسهم في تأجيج الكراهية المجتمعية لكل الرموز الإسلامية وفي مقدمتها الحجاب، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام الألمانية مارست تعتيما متعمدا تجاه قتل مروة الشربيني وصنفته كجريمة ذات أبعاد عنصرية لصرف الأنظار عن الدافع الحقيقي.

وذكرت شيفر أن جريمة دريسدن كشفت أن النواة التي بذرها دعاة التحريض ضد الإسلام ومن يدعمونهم في الوسائل الإعلامية الألمانية الرئيسية قد أثمرت هذا الحصاد المرير، ورأت أن "الدعاية التحريضية المتواصلة منذ ثلاثين عاما بهدف غسل العقول قد أوصلت كراهية المسلمين في ألمانيا إلى مستوى جديد".

وأشارت الخبيرة الإعلامية الألمانية إلى أن قتل الصيدلانية المصرية أظهر أيضا أن الدعوات الحثيثة لحصر الجدل الدائر حول الإسلام والمسلمين في إطار موضوعي، لم تجد آذانا صاغية من المعنيين بهذا الأمر، ونبهت إلى أن استمرار السياسة الألمانية في التقليل من شأن مناخ العداء المتصاعد ضد الإسلام في البلاد، ومواصلة تعاملها معه كمظهر للتعبير عن حرية الرأي، سيؤدي إلى فقدان السيطرة على شرور مستطيرة ستتولد داخل المجتمع.

واستغربت المسئولة الإعلامية من عدم صدور كلمة إدانة واحدة من أي مسئول ألماني لجريمة القتل في محكمة دريسدن، وتوقعت أن يزيد هذا الحادث من مخاوف المسلمين في ألمانيا ويحولهم إلى أعضاء جدد في سلسلة تضم اليهود والسود الذين فرض عليهم الواقع الخوف على حياتهم.

كما طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش الحكومات المحلية في ثماني ولايات ألمانية بإلغاء قوانين صدرت قبل خمس سنوات، وحظرت بمقتضاها العمل بالحجاب في مدارسها ودوائرها الرسمية.
وانتقدت المنظمة الحقوقية العالمية في تقرير أصدرته في برلين قوانين حظر العمل بالحجاب المعمول بها في نصف الولايات الألمانية منذ العام 2003، ووصفتها بأنها تمثل تعديا صارخا على حقوق الإنسان وتمييزا صارخا ضد النساء المسلمات على أساس الجنس والدين.
وصدر تقرير المنظمة في 73 صفحة تحت عنوان (تمييز باسم الحياد)، واعتمد -كما ورد في مقدمته- على بحث ميداني مكثف استغرق ثمانية أشهر، وتحليل قوانين حظر العمل بالحجاب في الإدارات الحكومية الألمانية من منظور مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا.
وتضمن التقرير استطلاعا ميدانيا للرأي حول قوانين منع العمل بالحجاب شمل 72 شخصا من بينهم سياسيون وقانونيون وباحثون متخصصون وممثلو منظمات للمجتمع المدني إضافة إلى 34 من المسلمات اللائي تضررن من قوانين منع العمل بالحجاب داخل المؤسسات الرسمية.


وذكر تقرير المنظمة أن الهدف المعلن للقوانين المطبقة في ثماني ولايات ألمانية هو حظر ارتداء كل الرموز والملابس الدينية خلال العمل في المدارس والمؤسسات الحكومية، في حين تظهر تفسيراتها بوضوح أنها موجهة فقط ضد النساء المسلمات وتهدف إلى منع الحجاب دون سواه.
وأوضح التقرير أن هذه القوانين تحمل تمييزا خطيرا ضد النساء والإسلام، وتكره من ترتدي الحجاب على الاختيار بين الالتزام بمعتقداتها أو الاحتفاظ بوظيفتها.
وتطرق التقرير إلى تأثير قوانين حظر العمل بالحجاب على حياة الموظفات المسلمات، ونوه إلى إحداث هذه القوانين تغييرا جذريا في حياة المعلمات المسلمات بحيث باتت من تعمل بالتدريس منذ وقت طويل مهددة بفقد كل مزاياها الوظيفية إذا أصرت علي ارتداء الحجاب، وأشار إلى أن خريجات كليات المعلمات الحاصلات على تقديرات مرتفعة يفشلن في العمل بالمدارس الرسمية بسبب حجابهن.
ولفت إلى تغيير شريحة من المعلمات والموظفات المسلمات مهنتهن إلى أخرى، وانتقال بعضهن للإقامة في ولايات لم تصدر بعد حظرا على العمل بالحجاب في مؤسساتها، وتفضيل شريحة ثالثة الهجرة للعمل في الخارج رغم أنهن ألمانيات بالأصل وليس بالتجنس، وتخلي عدد محدود مرغمات عن ارتداء الحجاب أثناء العمل.

ولئن كانت جريمة قتل مروة الشربيني حادثة قائمة بذاتها من الناحية القانونية، فلا يمكن اعتبارها منفصلة عن الخلفية الاجتماعية والثقافية والإعلامية والسياسية المرتبطة بها بشأن وجود الإسلام والمسلمين في ألمانيا، وفي الغرب عموما، وعن آثار "حقبة الإرهاب الفكري والاجتماعي وحتى التشريعي" في نطاق ما سمي "الحرب ضد الإرهاب" وشمل الحروب الدموية الاستباقية المدمرة، والحملات السياسية والإعلامية المتواصلة، كما شمل ما يمكن وصفه بالإجراءات الاستباقية على صعيد تشريع القوانين الاستثنائية -كما توصف- وجميعها يدور حول محور متابعة المسلمين ومحاصرة مظاهر التزامهم بالإسلام، وأخذ كثير منهم بالشبهة.. وجميع ذلك باسم مكافحة الإرهاب، حتى أصبحت مكافحته بحد ذاتها ممارسات إرهابية

والذي حدث يتجاوز في وقائعه حادثة الجريمة الجنائية إلى اعتداء على معتقدات أمه بأكملها وعلى الأمة بكافة تنظيماتها وحركاتها الإسلامية مجابهة الحكومة الألمانية فالجريمة عنصرية صليبية بامتياز شارك فيها رجل امن في محكمة ألمانية تطبق القوانين الألمانية . فأن سكت المسلمون سيخرج الألمان ومن على شاكلتهم بالاتحاد الأوروبي يطلقون النار ويعتدون على أعراض المسلمات المغتربين ويصبح الحجاب وأي مظهر إسلامي إرهابا بحكم القوانين عندهم.. هذه شخصيتنا وثقافتنا كمسلمين ومعتقداتنا عصمة أمرنا فان فرطنا بها فمن يحمينا إذن؟.

ورغم أن حملات التطرف العنصرية اليمينية من تسعينات القرن الميلادي العشرين وما رافقها من اعتداءات مباشرة على المسلمين عموما وعلى مساجدهم ومنشآتهم لم تعد جزءا من الواقع الألماني في الوقت الحاضر، فالخشية من تحولها إلى صدامات اجتماعية كبرى لعبت دورها في تنامي المعارضة الشعبية، وبالتالي عزلة التطرف العنصري، إنما كان ربط الإسلام بالإرهاب في الأعوام الثمانية الماضية على الأقل وريث تلك الحقبة، وهنا لا تصدر الحملات عن مجموعات وتنظيمات عنصرية أو متطرفة، وإنما عن أجهزة وأوساط سياسية وإعلامية وفكرية.
ولا ينبغي لنا أن نندهش لاعتداء متطرف أوروبي على امرأة مسلمة ترتدي الحجاب لأن المسلمين لم يفعلوا شيئا وهم يرون ما حدث للعراقيات على أيدي الجنود الأميركيين وللفلسطينيات على أيدي الجنود الإسرائيليين، وإن كنت قد سمعت أن الدول العربية اجتمعت في الجامعة العربية وقرروا وبصوت واحد وحازم أن يزور الملحق الثقافي المصري في ألمانيا منزل عائلة مروة الشربيني لتقديم واجب العزاء!!.

الثلاثاء، 30 يونيو 2009

أخرس يا ولد

كلما نظرت إلى محبوبتي الصغيرة تسنيم أدركت حجم الفرق بين جيلي الخمسيني وجيلها العنكبوتي (نسبة إلى شبكة الإنترنت العنكبوتية)، أنا من جيل "أخرس يا ولد" تلك العبارة التي كانت توجه لنا دوما إذا ما هممنا إبداء الرأي أو المشاركة في أي نقاش، جيل السمع والطاعة!.. أما تسنيم، جيل الإنترنت، فهي منطلقة دائما في التعبير عن رأيها، جيل لا يعرف الخوف ولا يأبه بالقيود.. جيل يملك قوة الشخصية وفصاحة التعبير عن رأيه.

محبوبتي تسنيم ما زال أمامها أكثر من عام حتى يكتمل عمرها عقدا من الزمن، ورغم ذلك فهي أكثر جرأة من أختيها مريم وسارة، الأكبر منها، وهي سريعة التعبير عن رأيها دون تردد أو خوف وبطلاقة لم أعهدها حين كنت في عقدي الأول من العمر، رغم أني أزعم امتلاك طلاقة اللسان منذ الصغر.

أذكر مدرس اللغة الإنجليزية، محروس، الذي كان يلقننا دروس اللغة في المرحلة الإعدادية.. كان يتحدث أغلب الوقت المخصص للدرس، وكلما هم أحد التلاميذ بمجرد النطق أو ترديد ما يقوله عنفه بشدة وبالكلمة المعهودة "أخرس يا ولد"!، وربما لهذا السبب تخرجنا جيل "قلمي" يكتب اللغة ولا يتحدث بها.

وهذه العبارة "أخرس يا ولد" اعتدنا سماعها كثيرا في مرحلة الطفولة ومن كل ما حولنا سواء داخل البيت أو ممن هم أكبر منا سنا في المجتمع من حولنا أو حتى داخل ساحات المدارس التي تعلمنا فيها.. لم يسمح لنا أحد بأن يكون لنا مجرد رأي فما بالنا بالتعبير عنه ومناقشته.

وفي رأيي، الذي بدأت أعبر عنه بوضوح بعدما كبرت وزحف الشيب إلى رأسي، أن إعداد أي طفل لكي يصبح شخصية فاعلة ذات نفع لدينه ووطنه فإن هذا الإعداد يجب أن يكون وفق القيم الإسلامية التي تنشد للإنسان استقلال شخصيته الفردية، ولا يكون الفرد ذا استقلال شخصي إلا إذا كان له طابع إيجابي في حياته.

واستقلال شخصية المسلم محور تدور حوله تعاليم الإسلام، فمثلا القرآن يحث على استقلال الإنسان في العمل، فيربط مصيره بعمله، و يجعل إرادته الأمر الفاصل في تخير ما يقدم عليه من عمل، فيقول ( من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) ويقول (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير).

ويحث القرآن على استقلال الإنسان في الرأي والحكم، لا يحكم عاطفته ولا ما تعود وألف عليه فيقول: (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة، و إنا على آثارهم مهتدون، و كذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة، و إنا على آثارهم مقتدون. قال: أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم)، ويعيب القرآن على هؤلاء تبعيتهم في التقدير و القضاء لما ألفوا عليه آبائهم وهذا يدل على أن القرآن يطلب الموازنة في تقدير الأمور والحكم عليها وأن يكون للمسلم شخصية مستقلة.

وحرية الرأي أساس جوهري في تكوين شخصية الإنسان، (كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه)، وهذا المبدأ لم يزل هو المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التوجيه إلى غاية واضحة مرسومة من قبل، عن طريق التثقيف وتلقين المعرفة مباشرة أو عن طريق خلق الجو المناسب للغاية بصورة غير مباشرة.

والغاية التي تقصد في توجيه المسلم هي التي تحدد نوع المعرفة و كميتها، والطفل عنده الاستعداد التام لأن يتكيف بكل ذلك، و يصل بعد ذلك في سهولة و يسر إلى الغاية المرسومة.

والفرق بين التلقين المباشر و خلق الجو المناسب بصورة غير مباشرة، هو الفرق بين المدرسة التي تحدد المواد، و تحدد ساعات إلقائها على روادها في الأسبوع، و بين الأخرى التي لا تشير إلى مادة معينة في منهاجها الدراسي، ولكنها تخلق جوا يساعد مساعدة فعالة على توصيل هذه المادة إلى نفوس التلاميذ.

وليس المطلوب أن نسلك مع الطفل مسلك الملقن، و إنما مسلك ذلك الذي يخلق جوا غير مباشر لهذا التوجيه الروحي، فمثلا إذا واظبنا على قراءة البسملة عند بداية الأكل في كل وجبة فإن ذلك سيدفع الصغير إلى السؤال عن (الله) ويستمر في إلقاء الأسئلة سؤالا بعد سؤال كما يقضى تطوره العقلي والنفسي.

أتمنى أن يكون للزهرات الثلاث، مريم وسارة وتسنيم، حظا أوفر في التعليم وألا يكون التلقين والحفظ والتبعية هو سبيلهم لخوض هذه الحياة، نحن الآن في عصر تحولت فيه المفاهيم، عصر تتكون فيه شخصية الطفل منذ ولادته، وربما قبل إذا كان للطعام الذي يتناوله أبواه ولحالتهم النفسية دخلا في مرحلة التكوين الجنيني وما قبل الولادة.

الأربعاء، 24 يونيو 2009

الطلاق العاطفي

هل أنت سعيد؟
هل أنت سعيدة؟
سؤال إذا وجهته لأي من المتزوجين حديثا فلن تسمع سوى كلمة "لا"!، مع أنه من الممكن أن يكون ذلك الزواج جاء ثمرة لقصة حب هادئة وأحيانا عنيفة بين الطرفين، فما الذي حدث؟

أصبح الأزواج يعيشون تحت سقف واحد لكن لكل منهما عالمه الخاص ومشاغله الخاصة، هما زوجان لكنهما يفتقدان أهم ملامح الزواج وهو التراحم والتعاطف، مرتبطان شكليـــًا لكن لا تجمع بينهما عاطفة مشتركة ولا يشارك أحدهما الآخر آماله وآلامه، فحياتهما تعتمد على مجرد التواجد المادي واللقاءات العابرة.

إنهما زوجان أمام الناس و الأبناء لكن بمجرد أن يُغلق عليهما باب غرفة النوم يتحولان إلى أخوة ينفصلان جسديًا عن بعضهما!، اختار الاثنان أن يكون الزواج هو الواجهة الاجتماعية التي يقابلان بها المجتمع، تصورا أن ذلك هو السبيل للحفاظ على الأسرة والأبناء وقررا أن يستغنيا عن حقهما الذي داخل غرف النوم خوفًا من كلمة الطلاق، قررا أن يصبح زواجهما حبرًا على ورق، مجرد ورقة كتبها المأذون، أصبحا زوجان مع إيقاف التنفيذ!.وهذه الوضعية يمكن أن نسميها بالطلاق العاطفي أو النفسي، أي استمرار الزوجين بالعيش تحت سقف واحد على أن تكون لكل منهما حياته الخاصة التي لا يعرف عنها شريكه إلا القليل، هو إذن طلاق من دون شهود وهو من أكثر أنواع الطلاق خطورة، وأشدها ألمًا على العلاقة بين الزوجين من الطلاق الشرعي، لأنه اضطراب في التواصل واتصال من غير اتصال.. وموت مؤقت قد يطول، وعلاقة يختفي فيها الشعور بالأمان الذي يمثل القاعدة والركيزة الأساسية لنجاح الحياة الزوجية واستمرارها.
الطلاق العاطفي الذي يحدث بين الزوجين والذي يعانيه كثير منهم له أسبابه المختلفة ولكن النتيجة واحدة وهي السماح للجفاء بالدخول بين الزوجين مع أن الرجل لا يستطيع أن يكمل مهامه في هذه الحياة من دون زوجته ومن دون الحب الذي تمنحه إياه، وكذلك الزوجة لا تستطيع متابعة مهامها على أكمل وجه ما لم يكن هناك نبع من الحنان والعاطفة يقويها ويرويها ويساندها.
والطلاق العاطفي هو حالة يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهما البعض، رغم وجودهما في منزل واحد، فهما في شبه انعزال عاطفي، ولكن لكل منهما عالمه الخاص البعيد عن الطرف الآخر، ويبقى رابط الزواج بينهما متمثلًا بالورقة الشرعية التي تعترف بزواجهما الفعلي، من دون النظر إلى وجود الأبناء أو حتى إلى سنوات العشرة الزوجية.
والزوجين الواقع بينهما مثل هذا النوع من الطلاق العاطفي يعتقدان انه يعكس عنهما أمام المجتمع صورةً أفضل بدلًا من حدوث الطلاق الشرعي المؤدي إلى تبعات مختلفة.

في الولايات المتحدة الأمريكية أجرت إحدى المجلات استطلاعًا بين القارئات عن أهم مشاكلهن مع الأزواج، وكانت النتيجة أن 50% من العينة يشتكين حالات الانفصال النفسي وهروب الأزواج والملل والجمود العاطفي الذي يسود حياتهن الزوجية.

وعند تحليل الاستطلاع تبين أن الزوجات كن السبب في وصول الأسرة إلى هذه الحالة؛ لأن الزوجة تريد أن يظل زوجها يعاملها بالطريقة نفسها التي كان يتعامل بها معها أيام الخطبة، ولكنها تنسي أن تحافظ على الصورة نفسها التي كانت عليها في هذه الفترة.وقال الخبراء عند تحليلهم لهذا الاستطلاع إن الزوجة هي الأساس في الحفاظ على دفء المشاعر واستمرار السعادة الزوجية لأنها أكثر تفرغا حتى ولو كانت تعمل.وإذا كانت الزوجة في حاجة إلى سماع كلمات التشجيع والإطراء من زوجها فهو بدوره في حاجة إلى من يشاركه أفكاره واهتماماته، وفي حاجة لرؤية ابتسامة زوجية عند دخوله البيت بدلا من محاسبته عن سبب تأخيره.

ويرى الخبراء أن الحياة الزوجية تشبه قضيبي قطار لا بد أن يسيرا متوازيين بدون تخلف، وخلال طريق الحياة تتعدد الأدوار؛ ففترة الخطوبة لها أفكارها واهتماماتها وإشراقاتها، ودور الخاطب والمخطوبة ينتهي ببدء دور الزوج والزوجة.وينصح المختصون النفسيون الأزواج بالاهتمام بتفاصيل الحياة الزوجية، فمهما بلغت أهمية المشاكل التي يواجهونها في العمل إلا أن المشاكل الأسرية أهم وأعمق.

ومن الناحية السيكولوجية يمكن النظر إلى العلاقة بين أي زوجين على أنها مكونة من ثلاثة عناصر، الألفة وهي تمثل مشاعر القرب وربما التفاهم والتوافق، والقدرة على التواصل والانسجام بالأحاديث والهوايات والمزاح وقضاء الأوقات الطويلة سويا من دون ملل أو عراك أو إحساس بالاختناق، والألفة في أحد أوجهها أشبه ما تكون بالصداقة.
أما العنصر الثاني فهو الشغف والذي يتضمن الرومانسية والانجذاب والممارسة الجنسية حيث التدفق العاطفي والملامسة والاتصال الجسدي والاتصال الجنسي الذي يكسر الحواجز ويخلق حاله من الهدوء النفسي.
ويبقى الالتزام، وهو العنصر الثالث، ويمثل على المدى القصير القرار الذي يتخذه الإنسان بأن يبقى مع شخص آخر، وعلى المدى الطويل تمثل الانجازات المشتركة التي تحققت مع الطرف الآخر جوهر الالتزام، وشعور الشخص بأنه ليس وحده في الدنيا وأن هناك من هو معه.
وإذا ما طبقنا هذه العناصر الثلاثة على حياة معظم الأزواج سنجد أنه في حالات كثيرة تخبو العلاقة وتحديدا الرغبة الجنسية، تليها بعد ذلك الألفة، وما يستمر هو الالتزام أو الحفاظ على العشرة، وكثيرا ما نسمع من الأزواج أن ما يجمعهم فقط هو الأولاد أو الوضع الاجتماعي أما باقي الأشياء فلم تعد موجودة، ونسمع كل طرف يلقي بالتهمة على الآخر كمتسبب بهذا الجفاف.

ولعلاج كل هذا علينا أن نطبق المنهج النبوي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، وقال: (الرجل راع في بيت أهله ومسئول عن رعيته)، وألا يبخل على زوجته بكلمة حانية ومداعبة عاطفية فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلاعب السيدة عائشة رضي الله عنها وكان يسابقها ويجعلها تسبقه.

وعلى المرأة كذلك أن تعين زوجها على أداء مهامه خارج البيت، ولها في ذلك أجر مثل أجره، فقد جاءت امرأة تشكو للنبي صلى الله عليه وسلم أن الرجال يستأثرون بفضل الجهاد في سبيل الله ولا ينقطعوا عن الصلاة والصيام، فأرشدها الرسول إلى أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله، وعليها ألا تنسى أيضا الحكمة النبوية الهائلة "إذا نظر إليها سرته" فهي تفتح جميع الأبواب المغلقة ولتبتسم عند رؤيته عائدا إلى منزله مجهدا من أداء عمله.

الخميس، 18 يونيو 2009

أوباما.. الساحر الشرير

فرح العرب وهلل المسلمون بمجيء الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما إلى المنطقة العربية وخطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة (الخميس 4 يونيو 2009)، خدعهم أول رئيس زنجي للولايات المتحدة بكلامه المعسول واستطاع أن يسحرهم ببلاغته وكلامه المختار بعناية.

لكن الحقيقة أن هذا الرئيس ذو وجهين، ويعرف أن العرب العاجزين عن فعل أي شيء سيفرحون بمعسول الكلام ويهرعون لتحقيق ما يطلب منهم مقابل كلمات لا معنى لها ولا وزن طالما بقيت مجرد حروف على شاشة صماء قرأها أثناء خطابه ثم استدار لها ونسيها.

أوباما، الذي ظل طوال حملته ينكر جذوره الإسلامية واسم حسين المقرون باسمه، عاد وتذكر ذلك في خطابه المعسول الذي ضمنه بعض آيات من القرآن الكريم اختارها له معاونيه، ثم عاد ونسي ذلك وانقلب على وجه آخر حينما وقف متحدثا أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية.

أوباما، ذو الوجهين، تحدث في خطابه أمام ما يعرف باسم (إيباك) عن عمق العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ووصف حركة حماس الفلسطينية بالإرهابية رغم أنه لم يفعل ذلك في خطاب جامعة القاهرة، الرئيس الأمريكي أثبت بذلك أنه يعطي العرب ما يريدون من معسول الكلام فهم أمه (الكلام) ويمنح إسرائيل ما يرغبون فيه من سلاح ومال وأمن ودعم سياسي.

الرئيس الأمريكي (الشرير) قال بالحرف الواحد "لا يوجد مكان على طاولة المفاوضات للمنظمات الإرهابية، وهذا كان سبب رفضي لانتخابات عام 2006 عندما كانت حماس منضمة في الاقتراع، والنتيجة هي غزة تحت سيطرة حماس وصواريخ تمطر على إسرائيل.. يجب على مصر أن تقضي على عمليات تهريب الأسلحة إلى غزة".

وإذا كان في خطابه أمام العرب والموجه للمسلمين لم يذكر القدس عامدا متعمدا، فهو ذكرها في كلمته أمام اللجنة الأمريكية الإسرائيلية، قال " أي اتفاقية مع الفلسطينيين يجب أن تحترم هوية إسرائيل كدولة يهودية دولة ذات حدود آمنة (!!!) ومحصنة والقدس ستبقى عاصمة إسرائيل ولن تقسم" (!!!!).

ولم ينسى أن يتحدث عن عمق العلاقات الأمريكية الإسرائيلية "اتحادنا قائم على مصالح وقيم مشتركة... وسوف أتقدم للبيت الأبيض بالتزام لا يتزعزع تجاه أمن إسرائيل... وكرئيس سوف أتقدم بمذكرة تفاهم تنص على تقديم مبلغ 30 بليون دولار في شكل مساعدات خلال العقد القادم والتي لن يقدم مثلها لأي دولة أخرى... وسوف أدافع دوما عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.. لن أقدم أي تنازلات إذا ما تعلق الأمر بأمن إسرائيل"!!.

هل ندرك الآن مع من نتحدث وما هو الوجه الحقيقي لأوباما.. الساحر بكلامه المعسول، والشرير بأفعاله وواقعه الملموس.. إذا أردتم التيقن، شاهدوا الفيديو في الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=yiyGH8E4RSU

ملك الموت والحكام العرب

نقلت وكالات الأنباء أنه تم إيداع أحد المواطنين في تونس مستشفى الرازي للأمراض العقلية، وبالبحث تبين أن المهندس (علية بن مصطفى الكوكى) البالغ من العمر ٤٤ عاما سبق وأن أعلن نيته الترشح بشكل مستقل في انتخابات الرئاسة التونسية المقررة أكتوبر المقبل، وهكذا عُرف السبب فقد تجرأ هذا المواطن وانتوى أن ينافس ولي نعمته على كرسي الرئاسة!!.

ورغم أن مولدي الزوابى القيادي بمكتب الحزب الديمقراطي التقدمي اليساري المعارض ذكر أن الكوكى لا يمكن أن يكون مصاباً بمرض عقلي وأنه زاره بعد يومين من إيداعه مستشفى الأمراض العقلية وأجرى معه حديثاً إذاعياً لراديو كلمة، وكان واعيا لكل ما يقوله.. رغم ذلك إلا أنني أتفق مع ما أعلنه المصدر القضائي التونسي بأن المواطن المذكور مصاب بمرض عقلي، وأكاد أجزم، مع أني لا أعرفه، أنه مجنون وربما يكون ابن مجنون أيضا.

ويكفي للدلالة على هذا المرض اعتقاده بأن في تونس ديمقراطية وأن المواطنين الغلابة من حقهم أن يحلموا بمقعد الرئاسة، وهذا دليل على أن أبيه لم يعرف كيف يربيه سياسيا على خدمة أولى النعمة وأصحاب العز الذي يتبغدد فيه هو ورفاقه من التوانسة!.

الطريف في بيان المصدر القضائي قوله إنه تمت معاينة اضطرابات عقلية واضحة على المواطن (علية بن مصطفى الكوكى) تمثلت في قيامه بحركات غريبة وتصرفات أثارت تشكِّيات وتذمرات بعض المواطنين!، وبتحليل العبارة نتأكد أن المواطن بالفعل مجنون وأن تصرفاته وحركاته التي أعلن بها عن نيته الترشح للمنافسة في انتخابات الرئاسة دليل الجنون، ولما كان المواطنين (وهم من المخلصين للوطن العاملين في أجهزة المخابرات ومن حاشية السلطان) يحبون الرئيس (مدى الحياة) فقد استاءوا من تصرفاته ووصموها بالجنون فوجب اعتقاله وإيداعه المصحة النفسية حتى يتوب ويعلن مجددا أنه كان مجنون حين أخطأ وانتوى التنافس على كرسي السلطان!.

وهذا المواطن المغلوب على أمره والمتهم بالجنون كان يجب أن يتعلم من رئيسه ويعرف أن الوصول إلى السلطة لا يأتي عبر صناديق الاقتراع، بل لا يكون إلا من فوق دبابة، تماما كما سبق وفعل ولي نعمته نفسه حين انتزع الحكم عنوة من رئيسه وولي نعمته أيضا الحبيب بورقيبة.

وليس هذا الوضع قاصرا على تونس الحبيبة بل هي نموذج مكرر في بلادنا من المحيط إلى الخليج، فولي النعمة وحامي الحمى ومعبود الجماهير لا يترك الحكم بإرادته، بل يُقصى عنه مجبرا، إما بتدخل ملك الموت مباشرة أو بانقلاب يطيح به ويضعه رهن الإقامة الجبرية أو منفيا دون أن يترك له الانقلابيين حرية الاختيار.

وعلي زين العابدين هو الرئيس الثاني للجمهورية التونسية وقد استولى على كرسي الرئاسة بعد انقلاب على الحبيب بورقيبة في7 نوفمبر 1987، أي منذ اثنين وعشرين عاما، ومن المفترض أن يعاد انتخابه مرة أخرى في أكتوبر المقبل لأنه ببساطة، وكما يروج زبانية الحكم لا يوجد بديل مناسب في عبقرية العابدين وحُسن إدارته للبلاد.. والدليل هذا التقدم المذهل الذي شهدته البلاد خلال فترة ولايته، ومن ينكر عليه أن يراجع الأرقام التي لا تكذب ليعرف حجم البؤس والفقر والتخلف والحرمان الذي يعيشه المواطن التونسي.

وقريبا من حكاية الرئيس التونسي جاره في القارة ومثيله في حب الرعايا وصيانته للبلاد وحفظه لكرامه العباد، الحبيب أيضا عبد العزيز بوتفليقة الذي اختاره شعبه للمرة الثالثة على التوالي حاكما للبلاد في انتخابات (شريفة ونزيهة، وغيرها من تلك الصفات الكئيبة) جرت بالبلاد نهاية الأسبوع الأول من شهر أبريل 2009، والطريف أن الرئيس الجزائري حصل على ما نسبته 90 % من أصوات الناخبين الذين ذهبوا طواعية لتجديد الثقة برئيسهم المحبوب حتى تظل البلاد ترتع في الأمن والسلام وتعيش التقدم والازدهار.
والرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو الرئيس الثامن للجمهورية الجزائرية، وهو يشغل هذا المنصب منذ 27 أبريل 1999، أي أنه لم يمكث سوى عشر سنوات فقط، ومعنى ذلك أنه ما زال في قمة شبابه السلطوي مقارنة برؤساء جمهوريات آخرين جاوزا الربع قرن في سُدة الحكم، لكن الله وحده هو الذي يعلم كم سيمكث بوتفليقة خاصة أنه تجاوز الثانية والسبعين من عمره .. ويا رب لا تحرم حكامنا من زيارة ملك الموت.