يحكى أن مصر كانت سلة غذاء العالم، يجوع العالم ولا يجد من يسد رمقه وينقذه من جوعه إلا مصر، منذ أيام سيدنا يوسف بل والمؤكد من قبله، وظلت كذلك حتى العصر الحديث، منذ سنوات قليلة في عمر الزمن كثيرة من عمر المصريين.
ما زلت أذكر حكاوى المحمل الذي كانت ترسله مصر سنويا إلى بلاد الحجاز وكيف كان سكان الجزيرة العربية ينتظرونه من عام إلى عام.
تدريجيا تحولت مصر وصارت تمد يدها وتتسول غذائها!!، سياسات غبية حمقاء حولت المصريين من شعب منتج يكتفي ذاتيا ويطعم الآخرين إلى شعب ينام نصفه وبطنه خاوية.
تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2009، والذي صدر منذ أيام قليلة، أفاد بأن معدلات الفقر في مصر تبلغ 41% من إجمالي عدد السكان!، وأن معدلات الفقر العام تتراوح بين "28.6% و30% في لبنان وسوريا في حدها الأدنى ونحو 59.9 % في حدها الأعلى في اليمن، وبذلك تأتي مصر كصاحبة أكبر معدلات الفقر العام بعد اليمن!.
وأضاف التقرير "استنادا إلى عينة تمثل 65% من إجمالي السكان العرب فإن من المعقول التكهن بأن النسبة الكلية لمعدلات الفقر في مستوى الخط الأعلى في حدود 39.9%، وبموجب هذا المقياس هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر.
ولاحظ التقرير، الذي أعده نحو مائة من المفكّرين والباحثين العرب بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، انتشار نسبة الفقر والجوع «اللذين يمتدّان على الرغم من وفرة الموارد المالية في المنطقة العربية ككلّ».
ووفقا لما ورد بالتقرير فإنّ واحدًا من كل خمسة أشخاص في المنطقة العربية يعيش تحت خط الفقر المعترف به دولياً، المتمثّل بدولارين في اليوم، بينما نسبة الذين يعيشون على أكثر من ذلك بقليل ولا يستطيعون تحمّل تكاليف الحاجات الأساسية، يفوقون هذه النسبة بأشواط.
وذكر أنّ حوالي خمسي سكّان المنطقة العربية يعيشون في ظلّ الفقر، وأن قطاعاتٌ واسعة من سكّان بلدان الدخل المنخفض تواجه حرمانًا كبيراً من أبسط الحاجات مثل عدم الحصول كفايةً على المياه الصالحة للشرب وازدياد حالات نقص الوزن بين الأطفال.
وأوضح التقرير أن عدد الأشخاص الذين يعانون قصور التغذية في المنطقة ازداد من حوالي 19,8 مليون في فترة 1990-1992 إلى 25,5 مليون في فترة 2002-2004.
وقال التقرير، الذي يعتبر المجلد الخامس من سلسلة تقارير التنمية الإنسانية العربية التي يرعاها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن البطالة تعد من "المصادر الرئيسية لانعدام الأمن الاقتصادي في معظم البلدان العربية وحسب بيانات منظمة العمل العربية (2008) كان المعدل الإجمالي لنسبة البطالة في البلدان العربية 14.4% من القوى العاملة في العام 2005 مقارنة ب 6.3 % على الصعيد العالمي.
وبالنسبة إلى البلدان العربية ككل (وباستخدام عدد العاطلين عن العمل في العام 2005) وصل المعدل المثقل لنمو البطالة إلى نحو 1.8 %".
وحسب التقرير فإن معدلات البطالة المحلية تتفاوت بدرجة ملموسة بين بلد وآخر "إذ تتراوح بين 2 % في قطر والكويت ونحو 22 %، في موريتانيا غير أن البطالة في أوساط الشباب تمثل في كل الأحوال تحديا جديا مشتركا في العديد من البلدان العربية."
وأوضح التقرير أن اتجاهات البطالة ومعدلات نمو السكان تشير "إلى أن البلدان العربية ستحتاج بحلول العام 2020 إلى 51 مليون فرصة عمل جديدة، فمن أين سيتم توفيرها؟.
وتحدث التقرير عن مواطن الضعف الاقتصادي العربي حيث "تشكل الدرجة العالية من التقلب في نمو الاقتصاد العربي دليلا واضحا على ضعف هذا الاقتصاد، وذكر أن الأمن الاقتصادي في المنطقة العربية المرتبط بتقلبات أسواق النفط العالمية كان ولا يزال رهينة تيارات خارجية المنشأ."
وأشار التقرير إلى أن "الذي يهدد امن الإنسان العربي يتجاوز مسألة النزاعات المسلحة ليشمل قضايا أخرى أساسية منها التدهور في البيئة والوضع الهش لعدد كبير من الفئات الاجتماعية والتقلب الاقتصادي الناتج عن الاعتماد المفرط على النفط والأنظمة الصحية الضعيفة وعدم خضوع الأجهزة الأمنية للمساءلة".. وما زال للحديث بقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق