
لماذا شعوب الدول العربية؛ سكان العالم (النائم)؛ يصفون دائما حكامهم بالفاسدين والديكتاتوريين والسارقين مع إنه لو أن مواطنا آخر من مواطني هذه الدول سنحت له الفرصة وقفز على مقاعد السلطة لفعل فعلتهم وسرق مثلهم وربما كان أكثر فسادا وأشد بطشا.. إن هؤلاء الحكام هم نتاج طبيعي للبيئة التي خرجوا منها وثمرة من ثمار البذور الفاسدة التي نمت في ذات التربة الفاسدة!.
"من أعمالكم سُلط عليكم"، مقوله نرددها كثيرا؛ كنت اعتقد أنها من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بحثت عنه ولما تبين لي أن لا أصل له في كتب الأحاديث عُدت فتناولته على أن كلام مرسل من الأقوال الشهيرة؛ والعبارة تشرح نفسها فلو كنا صالحون لجاءنا حكام صالحون، أما كوننا من شرذمة الفاسدين فمن أين يأتينا رجل صالح ليتولى أمرنا ويحكم فيما بيننا، لو حدثت المعجزة ووجدنا هذا الرجل الصالح وحكَم فينا شرع الله لما صرنا فاسدين ولصلُح حالنا جميعا.
والقرآن؛كتاب الله وأحكامه؛ يؤكد ذلك، ففي سورة الأنعام- آية 129- يقول الله تعالى "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا" وعند تفسير هذه الآية يقول السعدي في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، إن العباد إذا كثر ظلمهم وفسادهم،ومنْعهم الحقوق الواجبة، ولَّى عليهم ظلمة، يسومونهم سوء العذاب، ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا من حقوق الله، وحقوق عباده، على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين، كما أن العباد إذا صلحوا واستقاموا، أصلح الله رعاتهم، وجعلهم أئمة عدل وإنصاف، لا ولاة ظلم واعتساف .
وفي تفسيره لذات الآية "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا"، قال سعيد عن قتادة: وإنما يولي الله الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان وحيث كان، والكافر ولي الكافر أينما كان وحيثما كان، ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي .
وقال مالك بن دينار: قرأت في الزبور (إني أنتقم من المنافقين بالمنافقين، ثم أنتقم من المنافقين جميعا، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إن المقصود بالآية ظالمي الجن وظالمي الإنس، وقرأ "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين" ،الزخرف-36، قال: ونسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس.
ومعنى الآية الكريمة: كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التي أغوتهم من الجن، كذلك نفعل بالظالمين، نسلط بعضهم على بعض، ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض، جزاء على ظلمهم وبغيهم .
وفساد الشعوب وجور الحكام تحدث عنه أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "يأتي زمان علي أمتي يحبون خمس وينسون خمس.. يحبون الدنيا وينسون الآخرة يحبون المال وينسون الحساب يحبون المخلوق وينسون الخالق يحبون القصور وينسون القبور يحبون المعصية وينسون التوبة فإن كان الأمر كذلك ابتلاهم الله بالغلاء والوباء والموت الفجأة وجور الحكام".
والآن، تعالوا ننظر ماذا نفعل في حياتنا وهل نحن على طريق الحق سائرون أم جانبنا الصواب وصارت حياتنا معصية كبيرة، تأملوا معي، نحن لا ننظر في أوامر الله ونواهيه، لا نقيس أفعالنا بمقياس الشرع، نصوم ولا يكون لنا من صيامنا إلا الجوع والعطش، نصلي ولا تكون إلا حركات من قيام وقعود دون أن يخشع القلب أو ندرك معنى ما نردده، نأت فرائض الإسلام وأركانه ولكن حياتنا بعيدة تماما عما أديناه من طاعات، كما يقولون (هذه نقره وتلك نقره)!!!.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال فالزم جماعة المسلمين وإمامهم فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها ...الخ.
علينا إذن ألا نتهم حكامنا بالفساد، فسادهم ليس إلا جزءا من فساد الشعوب، وكما قال بعض الشعراء
وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالم إلا سيبلى بظالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق