
عنوان ليس بجديد، لكنه في حاجة إلى تأكيد وتكرار، غناها شعبان عبد الرحيم منذ سنوات.. كان صادقا فيما يقول ولذلك نجحت أغنيته وسجلت أرقاما قياسية في التوزيع رغم تردي مفرداتها الفنية.. اليوم أجدني وآخرين نصرخ بأعلى صوتنا منددين بما فعلته إسرائيل بمواطنين عُزل لم يخرجوا من بيوتهم إلا ابتغاء مساعدة المحتاجين، وهل يوجد أشد عوزا من سكان محاصرين منذ ثلاث سنوات ونيف وكأنهم سجناء بقعة أرض لا يستطيعون عنها حراكا.
ما فعلته إسرائيل بقافلة الحرية الإنسانية جعلني أشد كراهية لإسرائيل حكومة وشعبا، وجعلني أكره العالم الظالم معهم، لم نسمع بعد المجزرة إلا كلمات إدانة، قالوها على استحياء وربما خوفا من أحفاد القردة والخنازير؛ كما وصفهم ربي الكريم؛ قالوها ولم يزيدوا مع أن المفروض أن نخرج لسحل هؤلاء دون وجل أو استحياء، ما فعله هتلر فيهم قليل وليته لم يبق أحدا منهم، لكنه أبقى ليعذبنا بهم ولنعرف كم كان محقا حين أحرقهم.
لقد أرادت إسرائيل عبر الهجوم الذي نفذته قوات الكوماندوز التابعة للجيش على أسطول الحرية صباح يوم الاثنين 31/5/2010، وفي عرض المياه الدولية، توجيه رسالة إلى العالم كله بأنها مستعدة للذهاب بعيدا جدا لمنع كسر حصار غزة، وأنها تتمسك بهذا الحصار باعتباره مكسبا وحقا تتيحه لها القوانين والقرارات الدولية، وبالتالي ليس من حق أحد أن يقرر عنها في هذا المجال، كما أنها ليست مستعدة للمجاملة في شأن "سيادي" ويخص أمنها بالدرجة الأولى، حتى لو كان نتيجة ذلك تعريض علاقات إسرائيل مع أكثر من أربعين دولة (التي يشارك رعاياها في أسطول الحرية) لخطر القطيعة.
أرادت إسرائيل أيضا أن توجه رسالة واضحة للأميركيين، وللرئيس أوباما نفسه، بأن الأمن الإسرائيلي خط أحمر لا يمكن بأي حال من الأحوال مناقشته والمناورة بشأنه، كما أن إسرائيل تعرف أكثر من غيرها ما يهدد أمنها وتعرف صياغة المعالجات المناسبة لمثل هذه الحالات.
كذلك تدرك إسرائيل أن فك الحصار، وبهذه الطريقة، يشكل انتصارا لقوى التحرر، الأمر الذي يمكن أن يتحول مع الزمن إلى نموذج يمكن تطبيقه على مختلف عناصر القضية الفلسطينية ولذلك فهي لن تسمح بنجاحه مهما كلفها ذلك.
وأسطول الحرية؛ الذي كان متوجها إلى غزة لمناصرة أهلها المحاصرين؛ هو مجموعة من ست سفن، تضم ثلاث سفن تركية، وسفينتين من بريطانيا، بالإضافة إلى سفينة مشتركة بين كل من اليونان وأيرلندا والجزائر والكويت،وقد جهزت القافلة وتم تسييرها من قبل جمعيات وأشخاص معارضين للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ العام 2007، ومتعاطفين مع الغزاويين.
انطلق أسطول السفن من موانئ لدول مختلفة في جنوب أوروبا وتركيا، وكانت نقطة التقاءها قبالة مدينة ليماسول في جنوب قبرص، قبل أن تتوجه إلى القطاع مباشرة، انطلق الأسطول باتجاه قطاع غزة في 29 مايو 2010، محملا بعشرة آلاف طن من التجهيزات والمساعدات، والمئات من الناشطين الساعين لكسر الحصار، الذي قد بلغ عامه الثالث على التوالي
شاركت شخصيات كثيرة في قافلة كسر الحصار من 44 دولة مختلفة، وكان من أبرز المشاركين فيها أعضاء من البرلمان الأوروبي والألماني والإيطالي والأيرلندي، وأعضاء آخرين من البرلمان التركي والجزائري والكويتي والمصري والأردني، وكذلك أعضاء عرب من الكنيست الإسرائيلي، بالإضافة إلى أكثر من 750 شخصية ناشطة في المجال الحقوقي تضم عددا من الإعلاميين، وهذا يعتبر أكبر تحالف دولي يتشكل ضد الحصار المفروض على غزة.
ولكن في فجر يوم 31 مايو، 2010 بعد الساعة الرابعة فجرًا، تم الهجوم على سفن أسطول الحرية في المياه الدولية من قبل القوات الإسرائيلية ، في أحداث وصفتها مصادر عديدة "بالـمجزرة" و "الجريمة" و"إرهاب الدولة".وقد نفذت عملية الهجوم على الأسطول قوات إسرائيلية خاصة، حيث استخدمت هذه القوات الرصاص الحي والغاز.
لقد تكشفت صورة إسرائيل العنصرية بشكل جلي في هذا اليوم حيث حاول حكام إسرائيل قلب الصورة لمصلحة كيانهم الغاصب، وذلك من خلال محاولة اغتيال الحقيقة حين أدعت أن من على متن سفينة الحرية هم الذي بدءوهم الهجوم بالعصي والسكاكين (البلاستيك)!!!.
واللافت أن وتيرة التهديدات الإسرائيلية تصاعدت قبل أيام من خلال التلويح باعتراض سفن أسطول الحرية الإنساني والاستيلاء عليها، وهي سفن كانت محمّلة بأكثر من عشرة آلاف طن من المساعدات الإنسانية.
كان من شأن المساعدات الدولية لو وصلت إلى غزة أن تحد من معاناة أهالي قطاع غزة، حيث وصلت معدلات البطالة إلى أكثر من 60% من قوة العمل هناك، ناهيك عن انتشار الفقر المدقع بين ثلثي المجتمع في القطاع بسبب الحصار الاقتصادي الجائر، مما جعل الخيارات صعبة سواء لدى الأسرة في القطاع أو لدى العامل الفلسطيني الذي يتحمل عبء إعالة أكثر من خمسة أشخاص بسبب اتساع قاعدة الهرم لسكان القطاع، ونقصد الأطفال الذين يشكلون أكثر من 50% من سكان القطاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق