حكمة من أصحاب الرؤى الكوميدية.. لكنها حقيقة
نعم،
أسألك أنت.. هل أنت إنسان ناجح؟.. في عملك.. مع أسرتك.. بين أصدقائك.. وفي مجتمعك
عموما.. هل تشعر أنك تحقق كل ما تريد وبالتالي أنت إنسان ناجح؟ وما العلاقة بين
الإنجاز والنجاح؟ لا يوجد نصف نجاح ولا معنى لأن تكون ناجحا في مجال بينما قد فشلت
في آخر.
قبل
أن أسألك، حاولت الإجابة على السؤال بإسقاطه على تجربتي في الحياة لكني فشلت في
الوصول إلى نتيجة!!، فالأسس التي وضعتها وحاولت من خلال تطبيقها معرفة مقدار ما
حققته من نجاح جعلتني أشعر بالقسوة وعدم الرضا النفسي، لذلك لجأت مرة أخرى إلى
القراءة لعلي أجد ما يريحني نفسيا على الأقل.. وهاكم ما توصلت إليه..
التفاؤل والتفكير الايجابي هما من أهم
جذور النجاح.. كل ما تفكر فيه يتسع ويكبر في الاتجاه
ذاته، فلو فكرت أنك إنسان ناجح ستكون كذلك.. أما إذا أصابك شعور بالفشل فلن ترقى
أبدا سُلم النجاح.
العقل البشري لا يفكر إلا في اتجاه واحد، ولا
يسعه تعديد المجالات، فإذا فكرت بشكل سلبي ستظل في الاتجاه السلبي وإذا كان تفكيرك
إيجابيا فسينمو في هذا الاتجاه أيضا.. كل تفكير سلبي يبدأ فيه الانسان فإنه يتسع
وينتشر بنفس الاتجاه ويظل في الاتجاه نفسه من حيث كونه إيجابيا أو سلبيا.
لذلك عليك دائما أن تتذكر الذكريات
السلبية بشكل إيجابي فهي خبرات تكونت لديك ولو عادت تلك المواقف السلبية فسوف
تتصرف فيها بشكل سليم، ولن يكون لك ذلك لو لم تمر بهذه المواقف الأليمة..
لقد كان الدكتور إبراهيم الفقي يردد دائما
في محاضراته كيف كان رد "توماس أديسون" عندما سأله أحد الصحفيين: (ألا
تعترف بفشلك في اختراع مصباح كهربي بعد 9999 محاولة فاشلة؟)، فكان جواب أديسون: (خطأ
يا صديقي.. فقد اكتشفت 9999 طريقة لا توصلني للحل السليم!).
ويذكر الدكتور ابراهيم كيف كتب في مقدمة
إحدى كتبه "شكرا لكل من قالوا لي لا".. ويردد.. إن رأيك السلبي في ليس
إلا وجهة نظرك وما رأيته أنت، ولا يشترط أن يعبر عن الحقيقة.. فالحقيقة هي أنه ما
من إنسان عاجز عن النجاح.. وما من إنسان سلبي.. فالإنسان مخلوق به مقومات النجاح.
يقول الدكتور ويليام جيمس (أبو علم النفس
الحديث) : "إذا انتظرت التقدير ستقابل بالإحباط التام".. ويقول خبراء
علم النفس: "ضعف التقدير الذاتي هو سبب كل مشاكل الادمان في العالم".
إن شعور الانسان بالدونية هو من أشد ما
يجعله غير متزن نفسيا.. على الانسان أن يقدر نفسه بنفسه وأن يعلم أن الله تعالى
جعله أشد المخلوقات وأقدرها على الانجاز.. فلا يوجد أي إنسان سلبي وكل الناس قادرة
على النجاح لكن انتظار التقدير من الناس لا طائل من ورائه لأنك تجري بذلك وراء
سراب لن تدركه أبدا.
أيضا يجب أن تحدد هدفك
بشكل جيد، لا يمكن أن تصل إلى النجاح وأنت مشتت لا تعرف أي طريق تسلك وإلى أين
تمضي.
إذا مارست عملا لا
تحبه فلا يمكن بالطبع أن تحدد فيه هدفا تريد أن تصل إليه، وبالتالي كيف تطلب
النجاح ما دمت محبطا.. أما إذا لم تجد العمل الذي تحبه فعلى الأقل حاول أن تطبق الحكمة
القائلة (حب ما تعمل، تعمل ما تحب) إن حُب العمل يجعلك أكثر اتزانا من الناحية
النفسية.
ولا يكون الانسان
متزنا نفسيا عندما تكون حياته مهددة، فعند الخطر يكون الانسان في حالة غير متزنة
لا تمكنه من التفكير السليم.. وإذا مارست عملا لا تحبه ستظل محبطا أما إذا أجبرت
نفسك على حبه فعندها فقط ستبدأ أولى خطواتك في التغيير من السلبي إلى الإيجابي، وهذا
التغيير هو الذي سيقودك حتما إلى النجاح.
والتغيير الذي نقصده هو تغيير الوضع
والحالة التي يكون عليها الانسان وقت التفكير في المشكلة.. يقول الله تعالى:
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، إن مجرد البدء
بالتغيير لهو أول خطوة من خطوات حل المشاكل فهو يساعد الانسان على الانفصال النفسي
عن مشكلته أثناء التفكير فيها وهو ما يمكنه من وضع حلول أكثر عقلانية بعيدة عن
العواطف والنزوات، وهو أيضا يستلزم تغيير المجالات وتعديدها في التفكير فمن يحصر
نفسه حصرا في مجال واحد لا يطيق الاخفاق فيه سيفقد كل شيء في أول صدمة له بهذا
المجال.
ويشير د. إبراهيم الفقي إلى أن النجاح
يعتمد 93% منه على المهارات الشخصية؛ وهي ما يتضمن الأخلاق وأسلوب التعامل مع
المجتمع والأخلاق؛ في حين أن 7% فقط من
النجاح يعتمد على المهارات المهنية.
ويعد المعيار الأساسي في تقييم الشخص هو
مدى جودة أسلوبه في التعامل مع المجتمع والتزامه بالقيم الأخلاقية ذلك ان العمل
الجماعي الناجح يتأسس على مجموعات مترابطة تملك من ادوات التواصل الشيء الكثير وهو
مالا يمكن توافره إلا بين أفراد يلتزمون بالأخلاق وفي حُسن إدارة علاقتهم
بالآخرين.
إن نجاح علاقتك مع الآخرين أمر هام تحتاجه
لتكون متزنا فمن المهم أن تشعر بأنك محبوبا من الناس والمجتمع الكبير وكذلك مجتمعك
الصغير الذي تشكله أسرتك.. وقبل كل هذا تحتاج إلى حب الله تعالى..
إن البعد عن الله تعالى يضيع معنى الحياة
بعمومها فلا يعلم البعيد عن الله تعالى ما
قيمة حياته على الإجمال أو ما يجعله يدخل في مثل هذه الدوامة.. إن العلاقة بالله
تعالى هي أول جذور النجاح وهي من أقوى الأسباب المانحة للدافعية والقوة والطاقة..
لذلك كن مع الله يكن الله معك دائما ووقتها ستدرك معنى كلمة النجاح.
.. وما زلت الكتب مفتوحة أحاول أن استخلص
منها أسسا جديدة تجعلني أجيب على السؤال الذي أوجهه لك أيضا (هل أنت إنسان ناجح؟).