الخميس، 18 يناير 2024

ثقافة "الإيثار".. الكلمة السحرية لحل مشاكل مصر!

 


هل تدرون الحل السحري لحل مشاكل مصر؟، في رأيي أن الخطة كلها تتلخص في هذه الكلمة السحرية.. الإيثار، علمنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكانت الدعامة الأولى لتأسيس الدولة الإسلامية.

تخيلوا معي، هل يستطيع أي رجل يعيش في زماننا أن يتنازل عن امرأة من زوجاته لأخيه المسلم الذي لا يجد ما يتزوج به؟ وهل يستطيع أي منا أن يتنازل عن جزء من ثروته لأخيه المسلم حتى يبدأ مشوار حياته؟. كلمة واحدة تقضي على العنوسة والبطالة والفقر وتقضي على زحام المرور وكل شيء، ألا تصبح بذلك كلمة سحرية بالفعل!.

الإيثار هو تفضيل راحة ورفاهية الآخرين على الذات، هو أن يقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه. قال الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

الأثرة إذن هي حب النفس، وتفضيلها على الآخرين، فهي عكس الإيثار، وهي صفة ذميمة نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، أثنى الله على أهل الإيثار، وجعلهم من المفلحين، فقال تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.

وهناك العديد من الآيات التي تناولت هذا المعنى في القرآن، منها ما ذكره الله تعالى في سورة الأعلى {بل تؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ومنها قوله تعالى في سورة الحشر {يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} وقوله تعالى في سورة طه {قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا{.

أما الإيثار في السنة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الإيثار حتى أشفق عليه أصحابه من شدة إيثاره، يُروى أن امرأة جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعطته بردة هدية، فلبسها صلى الله عليه وسلم، وكان محتاجًا إليها، ورآه أحد أصحابه، فطلبها منه، وقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه.. اكْسُنِيها. فخلعها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها إياه. فقال الصحابة للرجل: ما أحسنتَ، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، ثم سألتَه وعلمتَ أنه لا يرد أحدًا. فقال الرجل: إني والله ما سألتُه لألبسها، إنما سألتُه لتكون كفني.. واحتفظ الرجل بثوب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فكان كفنه.

وجاء رجل جائع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، وطلب منه طعامًا، فأرسل صلى الله عليه وسلم ليبحث عن طعام في بيته، فلم يجد إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يُضيِّف هذا الليلة رحمه الله)، فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله.

وأخذ الضيفَ إلى بيته، ثم قال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني، فلم يكن عندها إلا طعام قليل يكفي أولادها الصغار، فأمرها أن تشغل أولادها عن الطعام وتنومهم، وعندما يدخل الضيف تطفئ السراج(المصباح)، وتقدم كل ما عندها من طعام للضيف، ووضع الأنصاري الطعام للضيف، وجلس معه في الظلام حتى يشعره أنه يأكل معه، وأكل الضيف حتى شبع، وبات الرجل وزوجته وأولادهما جائعين.

وفي الصباح، ذهب الرجلُ وضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال للرجل: (قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة) ونزل فيه قول الله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}.

 ومن أهم الأسباب التي تعين على الإيثار:

·       الرغبة في مكارم الأخلاق، والتنزه عن سيئها.

·       بُغض الشُّحِّ، فمن أبغض الشُّحَّ علم ألا خلاص له منه إلا بالجود والإيثار.

·       تعظيم الحقوق، فمتى عظمت الحقوق عند امرئٍ قام بحقها ورعاها حق رعايتها، وأيقن أنه إن لم يبلغ رتبة الإيثار لم يؤد الحقوق كما ينبغي فيحتاط لذلك بالإيثار.

·       الاستخفاف بالدنيا، والرغبة في الآخرة، فمن عظمت في عينه الآخرة هان عليه أمر الدنيا، وعلم أن ما يعطيه في الدنيا يُعطاه يوم القيامة وسيكون أحوج ما يكون إليه.

·       توطين النفس على تحمل الشدائد والصعاب، فإن ذلك مما يعين على الإيثار، إذ قد يترتب على الإيثار قلة ذات اليد وضيق الحال أحيانًا، فما لم يكن العبد موطنًا نفسه على التحمل لم يطق أن يعطي مع حاجته.

وقد جرت سنة الله التي لا تبديل لها أن من آثر مرضاة الخلق على مرضاته: أن يُسخط عليه من آثر رضاه، ويخذُله من جهته، ويجعل محنته على يديه، فيعود حامدُهُ ذامًّا، ومن آثر مرضاته ساخطًا، فلا على مقصوده منهم حصل، ولا إلى ثواب مرضاة ربه وصل، وهذا أعجز الخلقِ وأحمقهم.

قال الشافعي رحمه الله: " رضا الناس غايةٌ لا تدرك فعليك بما فيه صلاحُ نفسك فالزمهُ"، ومعلومٌ أن لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا ربها ومولاها على غيره، ولقد أحسن من قال:


فليتك تحلُو والحياةُ مريرَةٌ.. .. .. وليتك ترضى والأنامُ غِضَابُ
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ.. .. .. وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صحَّ منك الودُّ فالكّلُّ هينٌ.. .. .. وكل الذي فوق التراب تراب

ولقد سجل التاريخ بأحرف من نور مواقف خالدة للمسلمين بلغوا فيها المرتبة العالية والغاية القصوى من الإيثار:

هؤلاء هم الأنصار يعرض أحدهم على أخيه من المهاجرين أن يناصفه أهله وماله فيأبى المهاجر ويقول: " بارك الله لك في أهلك ومالك ".

وهذا أبو طلحة أكثر الأنصار مالاً وأحب ماله إليه حديقة تسمى بيرحاء يسمع قول الله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)[آل عمران:] فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم معلنًا أنه يتصدق بها لوجه الله تعالى.
وذاك قيس بن سعد بن عبادة يمرض ويتأخر إخوانه عن زيارته فيسأل عنهم، فيقال له: "إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدَّين، فيقول: أخزى الله مالاً يمنع الإخوان من الزيارة " .

ثم أمر مناديًا ينادي: " من كان لقيس عليه مالٌ فهو في حلٍّ " .

فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة الزوار.

وإن تعجب فعجبٌ أمر هؤلاء الثلاثة الذين آثر كل منهم أخاه بالحياة، فقد قال حذيفة العَدَوي: "انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمٍّ لي، ومعي شيءٌ من ماء، وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته ومسحتُ به وجهه، فإذا أنا به، فقلت: أسقيك ؟ فأشار إليَّ أن نعم، فإذا رجل يقول: آه، فأشار ابن عمي إليَّ أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو هشام بن العاص، فقلت: أسقيك ؟ فأشار إليَّ أن نعم، فسمع به آخر فقال: آهٍ، فأشار هشام: انطلق به إليه فجئته، فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات. رحمة الله عليهم أجمعين " .

وتحقيق معنى هذه الكلمة لا يستلزم قرارا فوقيا أو قانونا رسميا، بل يمكن أن يبدأ بتنفيذه كل فرد منا، تخيلوا حياتنا لو طبقنا هذه الكلمة.. أبدءوا الآن ولا تترددوا وأعدكم أنه في خلال سنوات قليلة سنرى دنيا غير التي نعيشها وسوف نثبت للعالم أننا مسلمون حقا، أسما وفعلا.


ليست هناك تعليقات: