الخميس، 24 نوفمبر 2016

العالم يتغير.. هل العرب مستعدون؟


العالم يتغير.. الكل يعرف ويعيش هذا التغير، سياسيا.. اقتصاديا.. اجتماعيا.. والأخطر تكنولوجيا، فالثورة الرقمية ستغير كل شيء من حولنا ولن نستطيع منها الفكاك.. وسيظل العرب في كل هذه التغيرات مفعول بهم ولن يرقوا أبدا إلى منصة الفاعل.. هل أنا متشائم؟، كلا لكني واقعي لا اتفاخر بحضارة أجدادي وأعيش بؤس أيامي الحاضرة واستشرف بأسى مستقبل العرب المظلم.
تتحرك عناصر المشهد العالمي وعلى وقع هذه الحركة وانعكاسا لصداها يجري تحويل الأقاليم إلى دويلات مهددة بالاشتغال وتجرى تعديلات جوهرية على هيكليتها لتستوعب هذا التغيير وتهضمه.

بالتوازي مع ذلك، ثمة تحركات متسارعة لإعادة بناء الأزمات العالمية وفق رؤية جديدة كأزمات موضعية ثم تصغيرها إلى الحد الأدنى ما أمكن عبر تفكيك العناصر الأخطر فيها، وتاليا تقليص مساحة تأثيرها إلى الحد الذي يمكن معه إلغاء أي فاعلية مهمة لها خارج النطاق الإقليمي.
القوى الكبرى المؤثرة في العالم تكاد تنتهي من وضع اللمسات الأخيرة على مشاهد الصراع التقليدي لتبدأ حروبا جديدة لا مكان فاعل فيها للقوى الصغيرة، فهذه ستبقى مفعولا بها إلى أن يشاء الله ويُظهر من يخلصنا من حالة التردي التي نعيشها.
هم يخططون لعالم جديد.. أين ستكون وتبقى لهم السيادة على الطاقة والثروات والأسواق والفكر والثقافة، ويجددون باستمرار ديناميكية الإستعمار المتعدد الأساليب حتى تبقى الشعوب المستضعفة مسلوبة السيادة على مواردها وثقافتها ومنهكة بالحروب الأهلية وعصابات المافيا التي فُرضت عليها من صانعي العالم الجديد.
أيضا، ليس هناك أزمة حقيقية لديهم، بل هي تغيير جذري لاقتصادهم والآن التكنووجيا البيئية والبيوتكنولوجيا تتطور بسرعة خارقة..وليظل العالم الضعيف تحت رحمة إستهلاك سلعهم وفكرهم.
لم يعد العالم كما كان، تغيرت قواعد اللعبة في أكثر من بقعة على الأرض، ورأينا الدُب الروسي، الذي نام لعقود، عاد لينتفض ويسجل حضوراً جديداً، وبدأ يستعرض عضلاته في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، وعلى الرغم من الوهن الذي أصاب بلداناً مختلفة في العالم، إلا أنها عادت لتحافظ على كياناتها، فيما بدأت بلدان أخرى تشهد مزيداً من الوهن، وما يجري في دول أوروبا أكبر دليل على العالم المتغير.

كل العالم يتغير إلا العرب، الذين ما زلوا أسرى لصراعاتهم الداخلية، التي دفعتهم للتحول إلى مجتمعات متناحرة، سواء في علاقاتهم الخارجية أو في الإطارات المحلية، حيث تحوّل الكثير من المجتمعات الداخلية إلى مساحات للاقتتال، كما هو حاصل في العراق واليمن وليبيا وسوريا، فيما عدد من الدول العربية مرشح لانفجارات مماثلة، والتي من شأنها أن تقود إلى احتقان أكبر وأكبر.

هذا الوضع الاستثنائي الذي يعيشه العرب اليوم سوف يقودهم إلى مستقبل مجهول في ظل الانقسامات التي تسود علاقاتهم البينية، وأيضا لأن تقييمهم للمرحلة التي يعيشونها لا يزال قاصرا.

وحتى لا يظن المتابع أنني أتحدث في السياسة والصراع السلطوي على سُدة الحكم، اتحول سريعا لمشهد العالم الذي أقصده، وكتب عنه كثيرون قبلي، فالقصة معروفة لكن التذكرة مطلوبة لعلنا نتدبر ونفيق من غفلتنا أو على الأقل لا نورثها للأجيال التالية.. تعالوا نرى ونقارن بين العالم الذي نحن ذاهبون إليه وهذا الذي نعيشه أو كنا نعيشه.
الكل يعرف أن الذكاء الاصطناعي سيسود العالم، الكمبيوترات أصبحت تفهم أكثر فأكثر الوسط المحيط، في الولايات المتحدة الأمريكية، المحامون الشباب بالكاد يحصلون على عمل، وذلك بعد اختراع شركة IBM للحاسب Watson الذي يستطيع تقديم مشورات قانونية في غضون ثوان، وبدقة 90% بينما الإنسان المحترف دقته لا تتعدى 70%.
لهذا إذا كنت تدرس القانون، توقف حالا، في المستقبل سيقل عدد المحامين بنسبة 90% ولن يبق إلا المختصون.
أيضا، كمبيوتر Watson يساعد حاليا بتشخيص السرطان وبدقة أعلى بأربع مرات عن الطبيب البشري.
ولا تنسى أن شركة فيسبوك تمتلك برمجية تعرف على الوجوه بدقة أعلى أيضا من قدرة الإنسان، ومن المتوقع أن يتغلب ذكاء الآلة على ذكاء البشر في عام 2030.. نحن نعيش مرحلة الذكاء الاصطناعي.
وبالنسبة لفرص العمل فإنه في خلال العشرين سنة القادمة، 70-80% من فرص العمل الموجودة اليوم ستختفي، وسيتغير العالم بشكل كبير جدا.
في عام 1988، شركة كوداك؛ على سبيل المثال؛ كانت توظّف 170 ألف موظف وتبيع 85% من الصور الورقية في العالم! بعدها بسنوات قليلة، الشركة أفلست وفقدت قوتها التنافسية بشكل كبير جدا.
وما حدث لشركة كوداك، سيحدث لكثير من القطاعات في السنوات العشرة القادمة، العالم يتغير والبطالة ستزداد لأن التكنولوجيا ستدفع إلى الاستغناء عن (الإنسان) فالبرمجيات ستدمر كثيرا من الصناعات التقليدية في مدة زمنية تتراوح بين خمس وعشرة سنوات.
شركة Uber التي تعتبر أكبر شركة تاكسي في العالم لا تملك سيارة واحدة، وشركة Airbnb  أكبر شركة فندقة في العالم، لا تملك عقارا واحدا، لكن لأنهم استخدموا التكنولوجيا الحديث صاروا الأكبر، والأغنى!.
في عام 2018، سيتم إنتاج أول سيارة دون سائق، وفي عام 2020 ستغزو هذه التكنولوجيا الأسواق وستدمر سوق السيارات التقليدية، وعندها لن تحتاج لامتلاك سيارة لأنك تستطيع أن تستدعي سيارة بهاتفك، وستقلك إلى المكان الذي تريد، ولن تحتاج حتى لاصطفافها. أطفالنا لن يمتلكوا سيارات، ولن يحتاجوا لإصدار رخصة قيادة، لأن عدد السيارات سيقل بنسبة 90-95%.
وبامتلاك هذا النوع من السيارات، ستقل الحوادث لتصبح حادثة واحدة في مساحة 10 مليون كم، وستحافظ على حياة البشر أكثر.
السيارات الكهربائية ستصبح منتجا رئيسيا في عام 2020، والتلوث سيقل والمدن ستكون أكثر جمالا، ويمكن بكل بساطة ملاحظة تراجع استهلاك الوقود التقليدي خلال 30 عاما الماضية فقط.. في هذا العام تحديدا؛ 2016؛ عدد المحطات الشمسية تفوق نظيراتها التقليدية في دول العالم أجمع.
معظم شركات السيارات التقليدية ستشهر إفلاسها!، هم يحاولون الآن تبني طرقا ثورية جديدة في التصنيع، ولكن لن يتغلبوا على شركات مثل Google و Apple التي تصنع كمبيوتر متحرك على عجلات.
شركات تأمين السيارات ستواجه أيضا مشكلات عظيمة وحقيقية، وستختفي هي أيضا لعدم الحاجة لها، التأمين سيصبح أرخص بمئة مرة عما هو عليه اليوم.
قطاع العقار سيتغير كذلك، لأنك ستفضل الإقامة في أماكن بعيدة عن المدينة طالما فرصة عملك من البيت سانحة ومتوفرة!
وفي قطاع الصحة، سيتم إنتاج برمجيات تقيس مؤشراتك الحيوية من خلال هاتفك، وفي المستقبل سيمتلك كل إنسان عناية صحية عالية الجودة وبالمجان، وكل ذلك عبر الهاتف.
وأخطر ما نحن مقبلون عليه ما يسمى بالطباعة ثلاثية الأبعاد، سعر الطابعة الواحدة انخفض من 18000 دولار إلى 400 دولار في عشرة سنوات فقط، وبسرعة مضاعفة.
شركات الأحذية بدأت باستغلال هذه التقنية، والأمر ذاته في صناعات الطائرات والمحطات الفضائية.
مع نهاية هذا العام، سيتم إنتاج هواتف ذكية بخاصية D Scanning 3 ستستطيع قريبا مسح قدمك عبر هاتفك، وطباعة حذائك في بيتك.
وبطبيعة الحال لن يتوقف الأمر عند قدميك؛ فهذا مجرد مثال؛ ففي الصين، استطاعوا صناعة مبنى كامل من ستة طوابق بخاصية الطباعة ثلاثية الأبعاد.. وبحلول عام 2027، سيصبح 10% مما تصنعه دول العالم قاطبة يستخدم هذه التكنولوجيا.
لكن هل يقتصر التغيير على هذه النواحي فقط، بالطبع لا فهذه مجرد أمثلة لما نحن مقبلون عليه، ومزاج الإنسان لن يُستثنى من ذلك، هناك اليوم تطبيق يخبرك عن مزاجك الحالي من خلال معالم وجهك، وسيُنتج مستقبلا تطبيق على الهواتف الذكية لكشف الكذب من خلال معالم الوجه.. تخيل أثر هذا التغيير على حياتنا حين نصبح قادرون على معرفة الصادق من الكاذب.
في عام 2020، أي بعد ثلاث سنوات فقط، سيمتلك 70% من البشر هاتفا ذكيا، وهذا يعني أن الجميع سيكون له القدر ذاته من التعليم عالي الجودة ومن خلال هاتفه فقط.
ما يحدث حاليا وما نستشرفه في المستقبل المنظور يعني أن أي فكرة استثمار مستقبلية بعيدة عن عالم الهاتف الذكي، ستفشل حتما.. والسؤال: أين العرب من كل ما ذكرت؟
باستثناء دبي، التي تحاول، لا أجد دولة عربية أخرى تفكر في هذا العالم الذي يتغير.

ليست هناك تعليقات: