زحام أمام محكمة الجيزة بعد الاشتباة بوجود قنبلة
لا أحد يضارع أهل مصر في التعامل مع الأحداث،
إذا اشتد بهم القهر لجئوا إلى السخرية للتنفيس وانتشرت النكتة السياسية.. وهم
يتعاملون مع ما يحدث حولهم بمنطق غريب لكنه لا يخلوا من حكمة. فمثلا إذا رصدت ردود
أفعالهم مع التفجيرات التي تتم من حولهم تصبك دهشة بلا استنكار وستردد على الفور
"يبقى أنت أكيد في مصر".
مع كل شعوب العالم، إذا سمع أي مواطن بأن
قنبلة ستنفجر في مكان ما يسارع بالابتعاد عنه حفاظا على روحه وسلامة جسده، إلا في
مصر.. إذا تردد أنه تم اكتشاف جسم غريب تجد كل من في المنطقة يسارع إلى المكان
ويلتف حول هذا الجسم الغريب، وإذا نجح المختص في الوصول إلى المشكوك فيه وتأكد أنه
قنبلة لا يهرب الناس بل تزداد الأعداد كثافة.
البعض يقول أنه "التعايش" و"التعود"،
فمع كثرة اكتشاف القنابل وتكرار سماع أخبار الانفجارات، أعتاد المصري الأمر وصار
الخبر لا يشكل غرابة على الأُذن أو القلوب. أما في رأي الخبثاء فالأمر يختلف فمن
وجهة نظرهم أن المصري "حدق" ويعرف أن كثيرا من هذه التفجيرات لعبة
سياسية الهدف منها تخويف الناس من فصيل سياسي معين بحيث يزدادوا كرها له طالما أنه
الذي يحيل حياتهم إلى هذا الجحيم والعذاب اليومي.
أيا كان الأمر، وسواء كان الأمر تعودا أم
فطنة وذكاء سياسي، فقد فكرت أنه آن الأوان لتطبيق نظريتي "العنيفة" في إصلاح
أحوال البلاد وبما فيه أيضا صالح العباد.
ولمن يعرفني، منذ سنوات، فلا شك أنه سمع مني
أن الحل الوحيد والعلاج الفعال في التعامل مع مشاكل البلاد هو في استنساخ الأحداث
المأساوية التي أنهت الحرب العالمية الثانية.. باختصار، الحل في تفجيرات مساوية مطابقة
لما أحدثته قنبلة هيروشيما التي القتها الولايات المتحدة على اليابان فدمرت البلاد
وقتلت العباد وما بقي من البشر نجح في أن يعيد بناء اليابان ويهتم بالإنسان قبل
البُنيان حتى صارت اليابان مثلما نراها الآن.
وإلى وقت قريب كنت أؤمن تماما بهذه النظرية
واعتقد أنه رغم ما في الفكرة من مأساوية إلا أنها العلاج المناسب للحالة المصرية،
لكني مع التطور التكنولوجي والتقدم الذي صنعه الإنسان (الغربي بالطبع) أدخلت بعض
التعديلات الطفيفة على رؤيتي للخلاص، واقترح تحويل الفكرة من قنبلة مدمرة لا تُبقي
ولا تذر إلى قنبلة ذكية تختار من البشر أحطهم ومن الأماكن أسوئها.
وطالما أصبح في مقدور البشر إدخال البيانات
وتوجيه القنابل ناحية المستهدف والمراد فمن السهل برمجة هذه القنابل الذكية
وتعبئتها بمواصفات البشر الرديئة التي حولت حياتنا في مصر إلى جحيم، وكذلك إمدادها
بالأماكن العشوائية التي نريد التخلص منها مرة واحدة.
أعلم أن الكثير سيعارضني ويرفض فكرتي التي هي
أصلا خيالية ومستحيلة التنفيذ وسيصفونني بالقسوة والعنف والدموية، لكنهم لو فكروا
قليلا وآمنوا أن "لكل أجل كتاب" لاقتنعوا أن فكرتي ليست دموية وأني أحب
الخير لبلادي وأهلي إلى درجة أني مستعد أن
أكون من الذين تستهدفهم القنابل؛ طبعا عن طريق الخطأ وليس لتطابق البيانات
مع تلك التي تم إدخالها، أو بمعنى آخر معاصر (مستعد اتقتل.. عشان مسر تعيش)،
وصدقوني من غير هذا الحل العبقري (مسر موش حتبقى أد الدنيا) و(تحيا مصر) بالعند في
الناس التانية.