الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

مصر ما لهاش (كتالوج)


مصر ما لهاش (كتالوج) ذكرها سائق تاكسي لزميلي في العمل، والعبارة على بساطتها دقيقة في معناها عميقة في مغزاها، و(Catalogue) كلمة فرنسية تعني الدليل أو الفهرس أو الكتيب الذي يضم كل أسماء المنتجات والخدمات المقدمة من أي شركة.

والكلمة دخلت قاموس المصطلحات المصري منذ زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798) وأصبحت متداولة بكثرة في الشارع المصري بين جميع الطبقات دون وعي لأصل الكلمة فالمهم هو مدلولها ومعناها.

وسائق التاكسي حين استخدم (كتالوج) كان يقصد أنك في مصر لا تعرف إجابة محددة لأي من علامات الاستفهام الخمسة من، ومتى، وأين، وكيف، ولماذا؟، فمثلا لا تستطيع أن تجد إجابة على سؤال (من المسئول عن توقيع هذه الأوراق الرسمية؟)، ولا متى استطيع استلام أوراق معاملاتي الحكومية؟، أو ما هي الرسوم المقررة على المخالفات المرورية؟.

بالطبع هذه الأسئلة مجرد أمثلة وما يعنيه سائق التاكسي أنك في مصر لا تعرف (مين رايح فين ومين مسئول عن أيه).. الأمور في بلادنا (سمك، لبن، تمر هندي) وهذا بالمناسبة مثل يشير إلى أن كل حاجة ملخبطه فهذه أشياء لا يمكن أن تجتمع أبدا.

مصر بلد فريدة من نوعها، ففيها تستطيع أن تفعل أي شيء في أي وقت وتستطيع أن تفعل الشيء ونقيضه، وربما تفشل في الحصول على ما تريد رغم أنك سلكت الطريق الصحيح وينجح غيرك مع أنه سلك طرقا ملتوية غير شرعية.

أذكر واقعة جرت لي منذ ما يقرب من عشر سنوات حين أردت تجديد رخصة القيادة، ذهبت إلى المرور المختص بدون كارت توصية أو حتى (صول) يساعدني في إنهاء الإجراءات الروتينية.. وقفت في الطابور، وبعد حوالي الساعة جاء دوري، تقدمت بالرخصة المنتهية طالبا تجديدها.

فوجئت بالموظفة الجالسة وراء حاجز زجاجي تصرخ بأعلى صوتها (عايزه شهادة مخالفات، وشهادة من دكتور باطنه، وشهادة من دكتور عيون، وطابع شرطة ودمغة، و... تروح تدوخ وتجيب كل ده ولا تخلص نفسك وتدفع 40 جنيه وتستريح؟)!!، قالت كل ذلك ليس همسا أو خجلا ولكن بأعلى صوتها وعشرات العالقين بالشباك ينتظرون ماذا سأفعل معها!!.

بصراحة، فضلت اقتراحها الأخير؛ وليه أدوخ نفسي؛ وقلت بصوت هامس (أدفع الأربعين جنيه)، لم افكر إن كانت هذه رشوة أم أنها أخذت شكل الإكرامية؟ هل هي حلال أم حرام، قذفت بالكلمات الثلاثة خجلا فوجدتها تجيبني ( بتقولها بصوت واطي كده ليه، خلاص هات الفلوس وحينادوا على أسمك دلوقتي علشان تتصور).

خرجت من الطابور (اللا آدمي) أحاول أن أتشبث بقميصي حتى لا أفقده، وظننت أنني سأنتظر وقتا حتى تستكمل أوراق ملفي بمعرفتها وتأتي بالشهادات المطلوبة، لكني لم أكد أخرج من الطابور حتى سمعت من ينادي (الأستاذ محمود محمد صادق)، ومن شدة خوفي اعتقدت أن رئيسها الأعلى يناديني ليوبخني على ما فعلت وربما يتم التحقيق معي.

لكن الحمد لله لم يحدث شيء من هذا، وجدت موظف آخر مختص بالتصوير يناديني لاستكمال الإجراء الروتيني واستلام الرخصة، وأمامه وجدت ملفي عالقا به عشرة جنيهات وليس به أي أوراق.

كور؛ أي طبق؛ الموظف العملة النقدية وضغط عليها في كفه، ثم التقط لي الصورة سريعا وفي دقائق معدودة ناولني رخصة القيادة مبتسما!!!. يا الله، كل هذا بحفنة جنيهات!!.

والآن، هل أدركنا ماذا يعني سائق التاكسي حين قال (مصر ما لهاش كتالوج)، أما المغزى السياسي للعبارة فيستحق تدوينه أخرى. 

هناك تعليق واحد:

أبو مريم يقول...

كرمشله.. شعار حكومي مصري أصيل.