السبت، 15 نوفمبر 2014

حكايتي مع "المصدر المجهول"



على مدار ثلاثين عاما، عمر تجربتي الصحفية، لم أكره في حياتي إلا هذا "المصدر المجهول" الذي يردده الصحفيون كثيرا مدعين أن "المصدر" رفض ذكر أسمه!.

وحينما كنت مسئولا عن تحرير جريدة الشرق الأوسط في مصر، كنت دائم الشجار مع الصحفيين الذين يتعاونون مع الجريدة لكثرة استخدامهم هذا "النعت" استخداما غير دقيق.

أفهم أن ينسب الصحفي ما يكتبه إلى مصدر "مجهول" إذا كان فيه معلومات يخشى أن تصيب المصدر بأذى وبالتالي فهو يخفي المصدر معتمدا على صدق المعلومة، لكن هذا نادرا ما يحدث، وغالبا ما تأتي الفقرات المنسوبة إلى المصدر "المجهول" مجرد عبارات انشائية أو سرد أرشيفي لا جديد فيه ولا خطورة منه.

وحتى لا يراجع أحد أرشيفي الصحفي ويلتقط منه ما يشير إلى تجهيل المصدر في بعض ما كتبت، أسارع إلى التأكيد بأنني بالفعل اضطررت إلى استخدامه عدة مرات ولكن مع تعديل في الصفة وإبقاء على اخفاء "المصدر".

أذكر أنه في بعض ما كتبت، كانت لدي معلومات لا يمكن أن يكون مصدرها إلا وزارة الخارجية، لكن لا أحد في الوزارة كان يريد أن يتحمل ردود فعل نشرها، لذلك اتفقت مع السفير "جهاد ماضي" المتحدث الرسمي باسم الوزارة في ذلك الوقت على أن أنسبها إلى مصدر "مطلع".. وهكذا ظللت استخدم هذا المصدر "المطلع" في معظم ما نشرت من معلومات لا يمكن أن "يُسربها" إلا مصدر في وزارة الخارجية، وبالتالي كان المصدر معلوما وواضحا لكل من يقرأ.

ما الذي ذكرني بحكاية المصدر "المجهول"؟
تذكرته وأنا أتابع عددا من المواقع المصرية على الشبكة العنكبوتية، يعجبني عنوان الموضوع فأضغط عليه لقراءته، لكن رغم استمراري حتى آخر سطر فيه لا أجدني قد حصلت على أي معلومة جديدة.

على سبيل المثال، نشر أحد المواقع المصرية الشهيرة هذه العبارة في سياق تقرير كتبه الزميل عن أحداث سيناء الأخيرة، تقول الفقرة (أكد جهادي سابق يقيم بالشيخ زويد -رفض ذكر اسمه- أن الجماعات التكفيرية بسيناء بدأت تغيير استراتيجيتها الخاصة بالتفجيرات؛ فلجأت للتقنيات الحديثة في زرع العبوات الناسفة وتفجيرها عن بُعد، بَعد أن كانت تلك الجماعات تستخدم "الانتحاريين" لاستهداف قوات الجيش والشرطة وهي الطريقة التي أدخلها لسيناء تنظيم "التوحيد والجهاد" خلال تفجيرات طابا وشرم الشيخ عامي 2004 و2005 وهو نفس النهج الذي سار عليه تنظيم "أنصار بيت المقدس" ولاسيما بعد اندماج الجماعتين عقب ثورة 25 يناير.)

والعبارة ليس فيها أي جديد، بل هي معلومات أرشيفية يتكرر نشرها مع كل حادث في سيناء، ولا خطورة على من يكررها، لكن الصحفي يريد أن يؤكد لقارئ الموضوع أنه لا يكتب كلاما مرسلا ولا ينشر معلومات أرشيفية مكررة لذلك لجأ إلى المصدر "المجهول" الذي يرفض ذكر أسمه مع أنه لا وجود لهذا المصدر كما أنه لا جديد فيما يقوله من معلومات.

وإذا كان "تجهيل" المصدر أمر مقبول في صحافة العقود الماضية، فهو أمر لا يمكن قبوله في عصر السموات المفتوحة وازدياد مساحة الحرية التي تسمح ليس بذكر المصدر فقط بل وعدم الخوف من نشر أي معلومة طالما كانت صحيحة، فالقارئ اليوم لن يرضى بأن يشتري الوهم، وقارئ الإنترنت بالذات لن يقرأ إلا ما يعتقد ويؤمن أن فيه جديدا وليس مجرد معلومات أرشيفية يستطيع أن يستدعيها بمحركات البحث في أي وقت يشاء.

ولكي أكون منصفا، وحتى لا يتهمني أحد بالتجني على الإعلام المصري، أؤكد أن حكاية المصدر "المجهول" هذه ليست من سمات الصحافة المصرية فقط، بل هي رافد مشترك يتكرر كثيرا في الصحف العربية عموما، وتلك من السمات السلبية التي أتمنى أن يقضي عليها الإعلام الجديد خاصة وأنه لا شيء غامض أو مجهول مع حرية تداول المعلومة وكثرة المواقع وتنوعها وارتفاع هامش الحرية السياسية  نسبيا في بعض الدول العربية.  

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

مصر ما لهاش (كتالوج)


مصر ما لهاش (كتالوج) ذكرها سائق تاكسي لزميلي في العمل، والعبارة على بساطتها دقيقة في معناها عميقة في مغزاها، و(Catalogue) كلمة فرنسية تعني الدليل أو الفهرس أو الكتيب الذي يضم كل أسماء المنتجات والخدمات المقدمة من أي شركة.

والكلمة دخلت قاموس المصطلحات المصري منذ زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798) وأصبحت متداولة بكثرة في الشارع المصري بين جميع الطبقات دون وعي لأصل الكلمة فالمهم هو مدلولها ومعناها.

وسائق التاكسي حين استخدم (كتالوج) كان يقصد أنك في مصر لا تعرف إجابة محددة لأي من علامات الاستفهام الخمسة من، ومتى، وأين، وكيف، ولماذا؟، فمثلا لا تستطيع أن تجد إجابة على سؤال (من المسئول عن توقيع هذه الأوراق الرسمية؟)، ولا متى استطيع استلام أوراق معاملاتي الحكومية؟، أو ما هي الرسوم المقررة على المخالفات المرورية؟.

بالطبع هذه الأسئلة مجرد أمثلة وما يعنيه سائق التاكسي أنك في مصر لا تعرف (مين رايح فين ومين مسئول عن أيه).. الأمور في بلادنا (سمك، لبن، تمر هندي) وهذا بالمناسبة مثل يشير إلى أن كل حاجة ملخبطه فهذه أشياء لا يمكن أن تجتمع أبدا.

مصر بلد فريدة من نوعها، ففيها تستطيع أن تفعل أي شيء في أي وقت وتستطيع أن تفعل الشيء ونقيضه، وربما تفشل في الحصول على ما تريد رغم أنك سلكت الطريق الصحيح وينجح غيرك مع أنه سلك طرقا ملتوية غير شرعية.

أذكر واقعة جرت لي منذ ما يقرب من عشر سنوات حين أردت تجديد رخصة القيادة، ذهبت إلى المرور المختص بدون كارت توصية أو حتى (صول) يساعدني في إنهاء الإجراءات الروتينية.. وقفت في الطابور، وبعد حوالي الساعة جاء دوري، تقدمت بالرخصة المنتهية طالبا تجديدها.

فوجئت بالموظفة الجالسة وراء حاجز زجاجي تصرخ بأعلى صوتها (عايزه شهادة مخالفات، وشهادة من دكتور باطنه، وشهادة من دكتور عيون، وطابع شرطة ودمغة، و... تروح تدوخ وتجيب كل ده ولا تخلص نفسك وتدفع 40 جنيه وتستريح؟)!!، قالت كل ذلك ليس همسا أو خجلا ولكن بأعلى صوتها وعشرات العالقين بالشباك ينتظرون ماذا سأفعل معها!!.

بصراحة، فضلت اقتراحها الأخير؛ وليه أدوخ نفسي؛ وقلت بصوت هامس (أدفع الأربعين جنيه)، لم افكر إن كانت هذه رشوة أم أنها أخذت شكل الإكرامية؟ هل هي حلال أم حرام، قذفت بالكلمات الثلاثة خجلا فوجدتها تجيبني ( بتقولها بصوت واطي كده ليه، خلاص هات الفلوس وحينادوا على أسمك دلوقتي علشان تتصور).

خرجت من الطابور (اللا آدمي) أحاول أن أتشبث بقميصي حتى لا أفقده، وظننت أنني سأنتظر وقتا حتى تستكمل أوراق ملفي بمعرفتها وتأتي بالشهادات المطلوبة، لكني لم أكد أخرج من الطابور حتى سمعت من ينادي (الأستاذ محمود محمد صادق)، ومن شدة خوفي اعتقدت أن رئيسها الأعلى يناديني ليوبخني على ما فعلت وربما يتم التحقيق معي.

لكن الحمد لله لم يحدث شيء من هذا، وجدت موظف آخر مختص بالتصوير يناديني لاستكمال الإجراء الروتيني واستلام الرخصة، وأمامه وجدت ملفي عالقا به عشرة جنيهات وليس به أي أوراق.

كور؛ أي طبق؛ الموظف العملة النقدية وضغط عليها في كفه، ثم التقط لي الصورة سريعا وفي دقائق معدودة ناولني رخصة القيادة مبتسما!!!. يا الله، كل هذا بحفنة جنيهات!!.

والآن، هل أدركنا ماذا يعني سائق التاكسي حين قال (مصر ما لهاش كتالوج)، أما المغزى السياسي للعبارة فيستحق تدوينه أخرى. 

هل أنت نظيف؟


هل أنت مصري؟، هل أنت نظيف وتحب النظافة؟.. أرجوك لا تغضب واستوعب السؤال جيدا قبل أن تجيب. أسمعك تردد "وهل يوجد إنسان يعترف بأنه غير نظيف!"، لكن الواقع والانطباع السائد؛ ليس عندي فقط ولكن عند كثيرين؛ أن المصري والنظافة ضدان لا يلتقيان!.

سألت أصدقائي فقال بعضهم، إنه الفقر الذي جعلنا غير نظيفين!.. واعترضت لأن النظافة لا علاقة لها بمستوى دخل الفرد فهي لا تتطلب مستلزمات مادية لا يقدر على شرائها، يكفي قليل من الماء يستطيع به أن ينظف كل شيء حوله ولكن حتى هذا الماء نستخدمه بطريقة تدلل على أننا والنظافة ضدان.

ويكفي للدلالة على ذلك مشاهدة من يغسل سيارته في الشارع أو حتى محطات البنزين، صحيح أنه يهدر الكثير من الماء بلا داع ولكنه يجعل كل ما حوله قذرا؛ بل ونفسه أيضا؛ في مقابل أن يخرج بالسيارة وكأنها نظيفة وهي ليست كذلك.

أظن أنك لا تحتاج مثالا آخر يثبت أننا والنظافة ضدان، يكفي فقط أن تنظر إلى الشارع المصري لتتأكد من صدق مقولتي "المصري والنظافة ضدان لا يلتقيان"، بل دعني أكون قاسيا؛ وإن كنت على حق؛ وأطالبك بالنظر إلى بيتك لتتأكد من صدق مقولتي، بل سأكون أكثر قسوة وأطالبك بالنظر إلى نفسك لتكون أكثر اقتناعا بما أدعي وأقول.

أسألك، هل تغسل يديك قبل الأكل وبعده، كما كانت تطالبنا الإرشادات المدونة على ظهر كراسات المدرسة والتي اختفت هذه الأيام مع اختفاء النظافة من حياتنا؟ دعنا من هذا السؤال حتى لا تقول "لست صغيرا حتى أتتبع تلك النصائح" رغم أنها ليست قاصرة على الصغار، هل تنظف نفسك بعدما تقضي حاجتك؟ معظم المسلمين؛ رغم أن الإسلام دين النظافة؛ لا يعرفون!!.

أتذكر ما قاله الدكتور محمد العوضي المفكر الكويتي الجنسية حينما كنت أحاوره، قال "سألت أحد المتطرفين الذين تطاولوا على شيوخنا: قل لي كيف تنظف نفسك بعد قضاء حاجتك؟"، ولما علمت أنه لا يعرف قلت له "أذهب وعندما تعرف كيف تنظف مؤخرتك تطاول على شيوخك ومن هم أكثر منك علما!".

قرأت منذ فترة استبيانا أجرته إحدى الشركات الأمريكية حيث رصدت من خلال جهاز يبين عدد الذين يغسلون أيديهم بعد خروجهم من الحمام فوجدت أنهم لا يتعدون الثلاثة أشخاص من بين كل مائة شخص!!!، ربما نستهين بهذه العملية لكن لو عرفنا عدد الجراثيم التي تمرح في كفوفنا لأدركنا كم هو هام أن ننظف أنفسنا جيدا ثم ننظف أيدينا بدقة حتى نتجنب ومن نخالطه العديد من الأمراض. 

هناك أيضا دراسة علمية تؤكد أن نصف المصريين لا يغسلون أيديهم بعد العطس!، أو بعد العودة إلى البيت أو بعد حمل أشياء من الخارج أو حتى بعد ملامسة بعض الأشياء مثل اللحوم النية ومقابض الأبواب وغيرها، ولأهمية غسل اليدين خصصت منظمة الصحة العالمية يوم 15 أكتوبر من كل عام أسمته ( يوم غسل اليدين) ، فلماذا غسل اليدين مهم؟

بالرجوع إلى الدراسة فقد تبين أنه تحت الخواتم؛ على سبيل المثال؛ مئات الملايين من الميكروبات ونفس الشيء تحت الأساور وساعات اليد، غير أن الأيادي المبللة تنتشر الميكروبات فيها ألف ضعف الأيدي الجافة، ويكثر انتشار البكتيريا والجراثيم في راحة اليد وفي الأظافر وفي الخطوط وفي تعاريج راحة اليد وعُقل الأصابع وفي فتحتي الأنف والجروح والشقوق والدمامل. 

وأوضحت الدراسة أن الموبايلات، التي نستخدمها بكثرة هذه الأيام، تنتشر فيها البكتيريا بشكل مخيف جدا، بنسبة 92% لدى بائعي الأطعمة، وبنسبة 76% لدى الطلبة والأساتذة، وبنسبة 42% لدى الموظفين العموميين، وبنسبة 38% بين مقدمي الخدمات الصحية والمستشفيات.

والآن، دعني أكرر السؤال الذي طرحته في البداية، هل أنت نظيف؟ بالتأكيد إذا أجبت بصدق سيكون بالنفي، ولكن دعنا لا نقف عند الإجابة بل نتخطاها إلى محاولة التصحيح، أبدأ بنفسك ثم بغرفتك التي تعيش فيها ثم ببيتك الذي تسكن به ثم بالعقار الذي تقيم فيه فالشارع الذي تقطن به.. وهكذا كلما أتممت دائرة وتأكدت من أنها نظيفة تنطلق إلى الدائرة الأوسع، ويوما ما سوف نستطيع أن نجيب على السؤال بكل ثقة من أننا نظيفين.

تحدثت عن نظافة اليدين، أما نظافة الروح، وطهارة اليد فلذلك موضوع آخر.

السبت، 27 سبتمبر 2014

حدث ويحـدث في مصر!




يُحكى أن مستشارا دخل على رئيسه فوجده مستغرقا في التفكير، فسأله عما يهمه، فقال: أريد أن أفرض ضريبة على بنجر السكر بقيمة 10% لزيادة الدخل، وأفكر كيف سيتقبل الناس هذا القرار؟.
قال المستشار: دع الأمر لي يا مولاي
*******
جمع المستشار أعوانه، وطلب منهم أن يبثوا في الأسواق إشاعات بأن الحاكم ينوي فرض ضريبة بمقدار 50% على البنجر واللحم والتمر والقمح والشعير.. فضج الناس، وأخذوا ينتقدون الأمر علنا وبدءوا يعبّرون عن سخطهم وعدم رضاهم.. وكان الأعوان ينقلون ما يحدث في الأسواق وما يقوله العامة للمستشار أولا بأول.
وفي الأسبوع الثاني طلب المستشار من أعوانه بث إشاعة تؤكد الإشاعة الأولى، وأضاف عليها أن بعض المستشارين هم من أشاروا على الحاكم بهذا الأمر، وأن القرار سيصدر قريبا جدا.
أخذ الناس يقلبون الأمر، ويقولون: الضريبة مرتفعة جدا، ومن الظلم أن ندفعها على جميع هذه الأصناف، لو كانت 10 أو حتى 15%، أو لو كانت على صنف واحد لهان الأمر
عندها ذهب المستشار إلى الحاكم وقال: مولاي، الآن أصدر الأمر بفرض الضريبة.. ودعني أعد صياغة القرار
كتب المستشار: تلبية لرغبات شعبنا الكريم، ونزولا عند رأيهم، فقد قررنا عدم الإنصات لمستشاري السوء الذين سعوا إلى إثقال كاهل المواطنين بالضرائب الكثيرة، واكتفينا بفرض ضريبة بسيطة بمقدار 12% على مادة البنجر فقط
تنفس الناس الصعداء وضجوا بالثناء والدعاء للحاكم الحكيم الذي يراعي شعبه، ولا يثقل كاهلهم بالضرائب الفاحشة!!.
*******
هذا ما حدث في قديم الزمان.. ومازال يحدث

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

ويلٌ لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصَّفير







هناك كلمات تقرأها، تعجب بها.. لكن بمرور الوقت يطويها النسيان ولا تتذكرها أو تتذكر قائلها.
وهناك كلمات تقرأها فتحفر في عقلك، وتشعر كأنها تتحدث عنك.
من بين هذه الكلمات ما قرأت لجبران خليل جبران.. منذ طفولتي أتذكر هذه الحروف ولولا أني قرأتها لكنت أنا قائلها.
ما رأيكم لو قرأتم معي بعضا من هذه الكلمات، فلربما أعجبتكم مثلما فعلت معي.
يقول جبران خليل جبران:
** لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت.
 ** لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل، إذا صمتّ.. فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت.
 ** إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول.. النصف هو حياة لم تعشها، وهو كلمة لم تقلها، وهو ابتسامة أجّلتها، وهو حب لم تصل إليه، وهو صداقة لم تعرفها..
 ** النصف هو ما يجعلك غريباً عن أقرب الناس إليك، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك، النصف هو أن تصل وأن لاتصل، أن تعمل وأن لا تعمل، أن تغيب وأن تحضر..
** النصف هو أنت، عندما لا تكون أنت.. لأنك لم تعرف من أنت. النصف هو أن لا تعرف من أنت .. ومن تحب ليس نصفك الآخر.. هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه!!..
نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة..
 النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز.. لأنك لست نصف إنسان. أنت إنسان.. وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة!!
          
** ما اجهل الناس الذين يتوهّمون ان المحبة تتولد بالمعاشرة الطويلة والمرافقة المستمرة.
ان المحبة الحقيقية هي ابنة التفاهم الروحي وان لم يتم هذا التفاهم الروحي بلحظة واحدة لا يتم بعام ولا بجيل كامل.

** ليست حقيقة الانسان بما يظهره لك، بل بما لا يستطيع أن يظهره لك، لذلك اذا أردت أن تعرفه فلا تصغ الى ما يقوله بل الى ما لا يقوله.
** ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين، ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر، ويل لأمة تحسب المستبد بطلا، وترى الفاتح المذل رحيما ً، ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا مشت بجنازة،  ولا تفخر إلا بالخراب ولا تثور إلا وعنقها بين السيف والنطع.
ويلٌ لأمة سائسها ثعلب، وفيلسوفها مشعوذ، و فنها فن الترقيع والتقليد. ويلٌ لأمة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصَّفير، لتستقبل آخر بالتطبيل و التزمير. ويلُ لأمة حكماؤها خرس من وقر السنين، ورجالها الأشداء لا يزالون في أقمطة السرير. ويلٌ لأمة مقسمة إلى أجزاء، وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة.
** إذا كنت لا ترى غير ما يكشف عنه الضوء ولا تسمع غير ما يُعلنُ عنه الصوت، فأنت في الحق لا تبصر ولا تسمع.
***
ما رأيكم؟ وما الذي أعجبكم مما قاله جبران خليل جبران؟

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

هل أنت إنسان ناجح؟

حكمة من أصحاب الرؤى الكوميدية.. لكنها حقيقة





نعم، أسألك أنت.. هل أنت إنسان ناجح؟.. في عملك.. مع أسرتك.. بين أصدقائك.. وفي مجتمعك عموما.. هل تشعر أنك تحقق كل ما تريد وبالتالي أنت إنسان ناجح؟ وما العلاقة بين الإنجاز والنجاح؟ لا يوجد نصف نجاح ولا معنى لأن تكون ناجحا في مجال بينما قد فشلت في آخر.
قبل أن أسألك، حاولت الإجابة على السؤال بإسقاطه على تجربتي في الحياة لكني فشلت في الوصول إلى نتيجة!!، فالأسس التي وضعتها وحاولت من خلال تطبيقها معرفة مقدار ما حققته من نجاح جعلتني أشعر بالقسوة وعدم الرضا النفسي، لذلك لجأت مرة أخرى إلى القراءة لعلي أجد ما يريحني نفسيا على الأقل.. وهاكم ما توصلت إليه..
التفاؤل والتفكير الايجابي هما من أهم جذور النجاح.. كل ما تفكر فيه يتسع ويكبر في الاتجاه ذاته، فلو فكرت أنك إنسان ناجح ستكون كذلك.. أما إذا أصابك شعور بالفشل فلن ترقى أبدا سُلم النجاح.
العقل البشري لا يفكر إلا في اتجاه واحد، ولا يسعه تعديد المجالات، فإذا فكرت بشكل سلبي ستظل في الاتجاه السلبي وإذا كان تفكيرك إيجابيا فسينمو في هذا الاتجاه أيضا.. كل تفكير سلبي يبدأ فيه الانسان فإنه يتسع وينتشر بنفس الاتجاه ويظل في الاتجاه نفسه من حيث كونه إيجابيا أو سلبيا.
لذلك عليك دائما أن تتذكر الذكريات السلبية بشكل إيجابي فهي خبرات تكونت لديك ولو عادت تلك المواقف السلبية فسوف تتصرف فيها بشكل سليم، ولن يكون لك ذلك لو لم تمر بهذه المواقف الأليمة..
لقد كان الدكتور إبراهيم الفقي يردد دائما في محاضراته كيف كان رد "توماس أديسون" عندما سأله أحد الصحفيين: (ألا تعترف بفشلك في اختراع مصباح كهربي بعد 9999 محاولة فاشلة؟)، فكان جواب أديسون: (خطأ يا صديقي.. فقد اكتشفت 9999 طريقة لا توصلني للحل السليم!). 
ويذكر الدكتور ابراهيم كيف كتب في مقدمة إحدى كتبه "شكرا لكل من قالوا لي لا".. ويردد.. إن رأيك السلبي في ليس إلا وجهة نظرك وما رأيته أنت، ولا يشترط أن يعبر عن الحقيقة.. فالحقيقة هي أنه ما من إنسان عاجز عن النجاح.. وما من إنسان سلبي.. فالإنسان مخلوق به مقومات النجاح.
يقول الدكتور ويليام جيمس (أبو علم النفس الحديث) : "إذا انتظرت التقدير ستقابل بالإحباط التام".. ويقول خبراء علم النفس: "ضعف التقدير الذاتي هو سبب كل مشاكل الادمان في العالم".
إن شعور الانسان بالدونية هو من أشد ما يجعله غير متزن نفسيا.. على الانسان أن يقدر نفسه بنفسه وأن يعلم أن الله تعالى جعله أشد المخلوقات وأقدرها على الانجاز.. فلا يوجد أي إنسان سلبي وكل الناس قادرة على النجاح لكن انتظار التقدير من الناس لا طائل من ورائه لأنك تجري بذلك وراء سراب لن تدركه أبدا.
أيضا يجب أن تحدد هدفك بشكل جيد، لا يمكن أن تصل إلى النجاح وأنت مشتت لا تعرف أي طريق تسلك وإلى أين تمضي.
إذا مارست عملا لا تحبه فلا يمكن بالطبع أن تحدد فيه هدفا تريد أن تصل إليه، وبالتالي كيف تطلب النجاح ما دمت محبطا.. أما إذا لم تجد العمل الذي تحبه فعلى الأقل حاول أن تطبق الحكمة القائلة (حب ما تعمل، تعمل ما تحب) إن حُب العمل يجعلك أكثر اتزانا من الناحية النفسية.
ولا يكون الانسان متزنا نفسيا عندما تكون حياته مهددة، فعند الخطر يكون الانسان في حالة غير متزنة لا تمكنه من التفكير السليم.. وإذا مارست عملا لا تحبه ستظل محبطا أما إذا أجبرت نفسك على حبه فعندها فقط ستبدأ أولى خطواتك في التغيير من السلبي إلى الإيجابي، وهذا التغيير هو الذي سيقودك حتما إلى النجاح.
والتغيير الذي نقصده هو تغيير الوضع والحالة التي يكون عليها الانسان وقت التفكير في المشكلة.. يقول الله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، إن مجرد البدء بالتغيير لهو أول خطوة من خطوات حل المشاكل فهو يساعد الانسان على الانفصال النفسي عن مشكلته أثناء التفكير فيها وهو ما يمكنه من وضع حلول أكثر عقلانية بعيدة عن العواطف والنزوات، وهو أيضا يستلزم تغيير المجالات وتعديدها في التفكير فمن يحصر نفسه حصرا في مجال واحد لا يطيق الاخفاق فيه سيفقد كل شيء في أول صدمة له بهذا المجال.
ويشير د. إبراهيم الفقي إلى أن النجاح يعتمد 93% منه على المهارات الشخصية؛ وهي ما يتضمن الأخلاق وأسلوب التعامل مع المجتمع والأخلاق؛  في حين أن 7% فقط من النجاح يعتمد على المهارات المهنية.
ويعد المعيار الأساسي في تقييم الشخص هو مدى جودة أسلوبه في التعامل مع المجتمع والتزامه بالقيم الأخلاقية ذلك ان العمل الجماعي الناجح يتأسس على مجموعات مترابطة تملك من ادوات التواصل الشيء الكثير وهو مالا يمكن توافره إلا بين أفراد يلتزمون بالأخلاق وفي حُسن إدارة علاقتهم بالآخرين.
إن نجاح علاقتك مع الآخرين أمر هام تحتاجه لتكون متزنا فمن المهم أن تشعر بأنك محبوبا من الناس والمجتمع الكبير وكذلك مجتمعك الصغير الذي تشكله أسرتك.. وقبل كل هذا تحتاج إلى حب الله تعالى..
إن البعد عن الله تعالى يضيع معنى الحياة بعمومها  فلا يعلم البعيد عن الله تعالى ما قيمة حياته على الإجمال أو ما يجعله يدخل في مثل هذه الدوامة.. إن العلاقة بالله تعالى هي أول جذور النجاح وهي من أقوى الأسباب المانحة للدافعية والقوة والطاقة.. لذلك كن مع الله يكن الله معك دائما ووقتها ستدرك معنى كلمة النجاح.
.. وما زلت الكتب مفتوحة أحاول أن استخلص منها أسسا جديدة تجعلني أجيب على السؤال الذي أوجهه لك أيضا (هل أنت إنسان ناجح؟).