الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

تخاريف صائم

 اليوم، التاسع والعشرون من شهر رمضان المبارك، كنت بالأمس القريب استعد نفسيا لاستقبال الشهر ممنيا نفسي بمزيد من الطاعات والعبادات التي نقصر في أدائها طوال العام، لكن ها هو الشهر ولى ولم أنفذ 10% مما كنت أتخيل أني قادر على تنفيذه.. أدعو لي أن أوفق في الطاعة وأن تدوم هذه العشرة بالمائة بقية شهور العام.. اللهم آمين.

 أمس، ليلة التاسع والعشرين كانت الفرصة الأخيرة لالتماس ليلة القدر، التي وصفها رب العزة بأنها "خير من ألف شهر"، في كل عام كنت أمني نفسي للفوز بها، ولكن تمر الليالي الوترية ونحن عاجزون عن قيامها.. اسأل نفسي، إذا كان الله سبحانه وتعالى قد حجب عن نبيه ومصطفاة صلى الله عليه وسلم إخبار المسلمين بموعدها تحديدا بعدما أطلعه عليه فطلب منا التماسها في الليالي الوترية من العشر الأخيرة لشهر رمضان المبارك، إذا كان الأمر كذلك فهل يمنحنا الله عز وجل شرف قيامها والفوز بدعائها رغم أن حياتنا كلها وعلاقاتنا عبارة عن مشاحنات دائمة. المسلمون اليوم ليسوا كما كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هم كما أخبرنا صاروا غثاءً، فهل نحن نستحق ثواب هذه الليلة.. لا أظن وربما لهذا السبب لا نرى علامات تلك الليلة التي أخبرنا بها علماء الأمة.

 مع نهاية شهر رمضان، أنظر إلى أبنتي الصغرى وأجدها أفضل مني وأقوى، عمرها 10 سنوات أتمتها بالكاد منذ أيام قليلة وهي تصوم شهر رمضان من اليوم الأول، رغم حرارة الجو ورغم الإجازة الصيفية التي تصاحبها مغريات كثيرة خلال النهار فهي تتطلب كثير من اللعب وكثير من الشيبسي والحلوى، رغم كل هذه المغريات إلا أنها صامدة لم تشكو يوما من طول فترة الصيام وجفاف حلقها وحاجتها لقليل من الماء، وما إن تسمع آذان المغرب حتى تعُب من الماء عبا فهي لا تريد غيره.. تقبل الله منك يا تسنيم، ولا تنسيني في دعئك يا صغيرتي.

 مدفع الإفطار له أهمية خاصة منذ طفولتي، فهو يرتبط لدي بكثير من أكواب قمر الدين وأطباق الحلوى التي التهمها بعد الإفطار، في ذاكرتي ما زالت محفورة تلك الدقائق الأخيرة قبل انطلاق المدفع وآذان المغرب، فرحة لا تعادلها فرحة، استعيد ذكرياتها هذه الأيام بعدما رأيت أبنتي تسنيم حريصة هي أيضا على سماع ضربة المدفع، لم يعد هذا متاحا في تليفزيون الدولة الرسمي لذلك فهي تتسلل حيث المذياع وتظل رابضة إلى جواره حتى تسمع بأذنيها "البووووم"، الفارق بيني وصغيرتي أنني كنت أهتم أيضا بمدفع الإمساك عن الطعام بينما تسنيم تهتم فقط بمدفع الإفطار.. هذا هو الفرق بين الأجيال.

 العيدية، تدرجت في طفولتي ما بين المليم والقرش (صاغ) وعندما نبت شعر ذقني عرفت معنى الخمسة قروش والعشرة (الشلن والبريزة)، لم تلمس يداي مبلغا أكثر من هذا، وكان ما اتلقاه يفتح لي أبواب الدنيا كلها ويوفر كل احتياجاتي من البونبون (النادلر) وغيره من الألعاب البسيطة التركيب والبدائية الصنع.. اليوم عندما أعطي بناتي الثلاثة (مريم وسارة وتسنيم) ورقة المأتي جنيه ينظرون لي وعلامات الاستفهام تتراقص في عيونهم، الكبيرتين (مريم وسارة) لا تتكلمان تأدبا وخجلا، بينما الصغيرة (تسنيم) تملك من الجرأة ما يجعلها تقول "أيه يا بابا حشتري أيه بالفلوس دي؟!".. ربنا يسامحك يا حكومة وضعتني سياساتك الاقتصادية في مأزق حرج، ولم استطع الإجابة على أبنتي مفضلا صمت المقهورين الذي اصبح من طباعنا نحن المصريين.

ليست هناك تعليقات: