الأحد، 30 أغسطس 2020
الخميس، 16 يوليو 2020
السبت، 11 يوليو 2020
الاثنين، 6 يوليو 2020
الاثنين، 22 يونيو 2020
الثلاثاء، 16 يونيو 2020
الجمعة، 8 مايو 2020
الاثنين، 4 مايو 2020
السبت، 14 مارس 2020
قصتي مع "كورونا"
كورونا المستجد، هي العبارة الأشهر لمرض
العصر (كوفيد 19)، ورغم أن منظمة الصحة العالمية هي التي أطلقت على هذا
"الفيروس" اللعين اسم (كوفيد 19) إلا أن "كورونا" هو الأشهر
والأكثر استخداما...
كورونا.. نعم، كل ما حولي يصرخ في وجهي
باسم هذا الفيروس اللعين، إذا فتحت التلفاز ناطحتني الأخبار والبرامج بل
والإعلانات بأنباء القتلى والمصابين والدول التي ضربها الفيروس ونصائح للتعامل معه
وكيفية تجنبه والهروب منه... وغير ذلك من معلومات تزيدك حيرة وبلبلة وهلعا بدلا من
أن تبث فيك الاطمئنان والثقة.
ومثل، قليل من المصريين، اللذين يحاولون
السير (بجوار الحائط) ليتجنبوا الأذى والمشاكل، حاولت أن أنفذ حرفيا تعليمات منظمة
الصحة العالمية التي طالبتنا بتطبيقها لنحمي أنفسنا ومن حولنا من هذا الوباء
اللعين.. فماذا حدث معي؟ هذه بعض المشاهد (الساخرة) التي تعكس قوة وصلابة المصريين
في مواجهة الخطر.
بدأت قصتي مع "كورونا" حين قررت مواجهة
أسرتي ووضع حد لعلاقتنا مع (Delivery) وإيقاف استيراد الطعام من خارج المنزل وقطع
علاقتنا مع محلات (Fast Foods) على أساس أن هذه من أهم توصيات منظمة الصحة
العالمية للحد من انتشار فيروس كورونا.. لم تجادلني زوجتي كثيرا لكنها قالت: وماذا
ستفعل مع الخبز؟ هل سنصنعه بالمنزل أيضا؟
المهم، خرجت من المنزل صباحا مرتديا
"كمامة" للوقاية من الفيروسات المنتشرة بالجو نتيجة "الرذاذ"
الذي ربما اتعرض له من الآخرين وفي حقيبة يدي عدد من قفازات اليد لاستخدامها إذا
ما اضطررت إلى ملامسة أي أسطح غير معقمة.. ولن أذكر لكم عدد اللذين نظروا إلي متعجبين
وعلى وجوه بعضهم إبتسامة تهكم وسخرية رغم
أنني لم أفعل ما يضرهم!!.
وعندما وقفت سيارة الأجرة، ووافق السائق
على الذهاب بي إلى وسط البلد بعد سلسلة من "التأففات" (حالة مصرية صميمة
تعكس مقدار اعتراضه على طلبي وتذمره من الذهاب لهذه الأماكن) واضطررت إلى التعامل
مع باب السيارة سارعت بارتداء قفاز اليد لأنه من المؤكد أن مقبض الباب غير معقم
وربما يكون قد تعامل معه آخر حامل للفيروس.. وحينما شاهدني سائق السيارة الأجرة
أفعل ذلك علا صراخة: (بلاش يا حاج هو العربية جربانه، شوف تاكسي غيري) وأنطلق
تاركني والقفاز يسقط من يدي.!!
بعد لحظات من التفكير وجدت أن الحل الأمثل
هو الذهاب إلى وسط البلد بالمترو، الخط الثالت ما زال جديدا ولن يستغرق الأمر وقتا
بل ربما أصل أسرع مما لو ذهبت بالسيارة فالشوارع مزدحمة وهو ما يتفاداه المترو
الذي يسير تحت الأرض ولا يتعرض لهذا الزحام.
صعدت المترو وعلى وجهي
"الكمامة"، ولحُسن الحظ وجدت مقعدا خاويا فجلست بجوار شاب في الأربعينات
من العمر تقريبا والذي ظل ينظر إلى وجهي وفجأة سألني: لماذا ترتدي الكمامة وقفاز
اليد؟ هل تعتقد أن هذه الأشياء ستحميك من العدوى، كل ما حولنا ملوث ومن زمن، لقد
أصبح لدينا مناعة طبيعية ضد أي مرض.. فكرت لثوان، هل أدخل معه في جدال وأذكر له أن
شوارعنا كانت تُغسل بالماء والصابون قبل سنوات قليلة لكنه غادرني قبل أن اتخذ
القرار وذهب ضاحكا مما أفعله.
تركت المترو، وذهبت لمنزل الصديق الذي كنت
على موعد معه ووجدت لديه الأصدقاء وقد أجتمعوا في اللقاء الشهري الذي نداوم عليه
منذ حوالي الثلاثين عاما.. وكعادة مجالس المصريين تحدث الأصدقاء في كل شيء، وكان
من بين ما تحدثوا فيه فيروس كورونا وسرعة انتشاره وأدلى كلُ بدلوه وأفتى فيما ليس
له به علم، ومنهم من قال وأكد أن الفيروس صناعة أمريكية وصادر من مختبر
"....." بأمريكا وذكره بالاسم لدرجة أنني اعتقدت أنه من الفريق البحثي
الذي أنتج هذا الوباء، وذكر صديق آخر أنه
ابتلاء من الله يصيب غير المسلمين وكذلك الذين نسوا "الله" وأن الله
أصابهم بهذا الوباء تذكيرا وإثباتا لقدرته وأنه من علامات الساعة التي ذكرها رسول
الله صلى الله عليه وسلم واستشهد بما قاله أحد الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم "اعدد
ستًا بين يدي الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوتَان يأخذ فيكم كقعاص الغنم،
ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة لا يبقى بيت من
العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين
غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا".
وكعادة كل المصريين خلال هذا السمر كنا
نتحدث ونحن نأكل ما فُدم لنا من أطعمة وتسالي.. وفجأة ألقيت السؤال: هل غسل أحدكم
يديه قبل أن يأكل؟، وأنفجر الجميع ضاحكين وردد بعضهم في وقت واحد (بلاش عقد ومد
يدك مفيش حد غريب بيننا)!! وكأن من شروط تعقيم اليدين وغسلها قبل تناول أي مأكولات
وجود غريب لا نعرفه ولا نعرف سلوكياته!!!.
انتهت جلسة السمر وخرجنا متفرقين وفضلت
السير لبعض الوقت في شوارع وسط المدينة التي اعشقها وأراقب سلوكيات الناس لعلي
ألاحظ أي تغيير طرأ عليهم فما وجدت شيئا يدل على الخوف من الإصابة بعدوى كورونا،
وحينما سمعت النداء لصلاة العشاء قررت الدخول لأدائها جماعة فربما تكون
الـ"كورونا" فعلا من علامات يوم القيامة ويجب أن استعد بحُسن الخاتمة.
دخلت المسجد وكانت في حقيبة يدي سجادة صلاة
صغيرة لأضع جبهتي عليها عند السجود، وبمجرد أن طرحتها أرضا فوق "موكيت"
المسجد حتى بادرني أحد المصلين: خائف أنت؟، وبسرعة أجبته: خائف على أخوتي ربما
يصابون مني.. وعلى الفور تركني وانتقل لمكان آخر!!.
بمجرد أن أنتهيت من صلاتي وجدت بعض المصلين
يمدون أيديهم لمصافحتي مرددين الكلمة المصرية الشهيرة "حرما"، أجبتهم
بسرعة "تقبل الله" دونما أبادلهم التحية باليد، فبادرني أحدهم: ألا ترى
يدي ممدودة إليك؟، اعتذرت عن المصافحة قائلا: أنا من رعايا منظمة الصحة العالمية
التي طالبت بالحد من المصافحة والعناق وحينما هم بالدخول في جدل سوفسطائي وكيف أن
مصافحة المسلمين تكون باليد لا باللسان فقط، لم أشأ الدخول معه في عرض لأقوال
الأئمة الأربعة ومن منهم يرفض أو يؤيد السلام والعناق.. آثرت السلامة وخرجت مسرعا
من المسجد أبحث عن سيارة تعود بي إلى المنزل.
قبل أن أبحث عن سيارة أجرة ذهبت لأروي ظمئي
من محل عصير مشهور جدا بوسط البلد، وبعد أن دفعت النقود وذهبت لاستلام كوب العصير
الذي أحبه، وجدت يد البائع تمتد إلى أنفه ليوقف أو يمسح ما يخرج منها إذ يبدو أنه
مريض ويتعامل مع أنفه بشكل مباشر دون استخدام أي مناديل.. عدت إلى صاحب المحل
وسألته كيف تسمحون لهذا البائع بالعمل وهو مريض؟.. نظر بغضب ولم يتكلم بل مد يده
بالنقود قائلا: (معندناش عصير يا أستاذ، مع السلامة)!!!.
سائق السيارة هذه المرة كان متفهما لما
أفعله، لكنه بعد قليل سألني: ألم تسمع قول المفتي إن من يموت مصابا بفيروس كورونا
يموت شهيدا؟.. قلت، سمعت ولكن هل يعني ذلك ألا اتخذ احتياطاتي واتعرض للإصابة دون
أي وقاية؟.. قال بسرعة: يا حاج أنا عاوز أموت شهيد ونفسي واحد يركب معايا ويكون
مريض!!!!.
قبل العودة للمنزل تذكرت نصيحة زوجتي وذهبت
لشراء الخبز فهو عنصر أساسي في غذاء المصريين ولذلك يسمونه "عيش" فبدونه
لا عيش ولا معيشة ولا حياة.. وفكرت قليلا: لن أشتريه من "السوبر ماركت"
سأذهب إلى المخبز لأشتريه بمجرد خروجه من النار.. وبمجرد أن اقتربت شاهدت البائع
يدخن السجائر ولا يبالي كيف يبيع للزبائن والأدهى وأمر أن الناس تشتري ولا يقول
أحد كيف تعطيني الخبز بيد ملوثه ورائحتها دخان السجائر!!!.
عدت إلى المنزل منكسر وحزين لأخبر زوجتي
أنني موافق على تناول ما لا أحب، طبق المعكرونة الذي أقترحته هي في الصباح..
وأثناء انتظاري إعداده فتحت التلفاز لأشاهد المذيعة القديرة سناء منصور وهي تطلب
من مشاهديها العودة إلى "اليوتيوب" لكي يستمعوا إلى ضيف البرنامج
الدكتور هاني الناظر وهو يشرح كيف أن مصر محفوظة ومحميه من وباء كورونا ولن يصاب
به أي مصري!!!!.. ودقائق أخرى تمر وأقرأ خبرا عاجلا على الشريط الإخباري بأن
الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أمر بتعليق الدراسة في المدارس والجامعات تحسبا من
انتشار الوباء.. وتأتي زوجتي مسرعة بعد أن سمعت بالخبر: (هو أحنا ولاد البطة
السودة وموش خايفين علينا ما يدونا إجازة أحنا كمان)، ويبدو أن هذا ليس مطلبها
وحدها فقد كرره المذيع اللامع عمرو أديب في برنامجه "الحكاية" وقد أصبح
مطلبا شعبيا من الأمهات العاملات.
تلك قصتي مع "كورونا".. وهذه مصر
التي وصفها سائق تاكسي من قبل بأنها "بلا كتالوج"!!.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)