الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012
العسكر يلاحقون خلايا تنظيم القاعدة في سيناء
سنضرب بيد من نار بعد فشل مفاوضات الرئاسة في سيناء.. هذا مانشيت "المصري اليوم" في عددها الصادر صباح الثلاثاء 18 سبتمبر 2012، ولا بد أن اللهجة القوية والحاسمة في كلماته قد استوقفت الكثير من القراء مثلما استوقفتني وجعلتني اتساءل عما يحدث في سيناء ولماذا هذا العنف!.
تفاصيل الخبر من موقع الدستور الأصلي تقول إن الحملات العسكرية ستكون مدعومة بالعربات المدرعة وغطاء جوي ستشارك فيها قوات من الجيش والشرطة ستستخدم فيها الأسلحة المتوسطة والرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية.
ويأتي ذلك ردا على استخدام العناصر الجهادية التي تطاردها أجهزة الأمن هذه الأسلحة خلال المواجهات التي تمت (17-9-20129 ) حيث تبين امتلاك العناصر الجهادية أسلحة متطورة وقذائف صاروخية حديثة مما يؤكد أن المواجهات القادمة ستكون عنيفة.
إذن فشلت الحلول الفكرية والسياسية التي قادها فريق رئاسي مكون من مجدى سالم زعيم "طلائع الفتح" والرائد عبدالعزيز الجمل القائد السابق لجيش "حركة طالبان"، والقيادى الجهادى شريف فزاع والمحامى ممدوح إسماعيل والشيخ هشام أباظة، ومحمد الغزلانى ومحمد برعى ونزار غراب المحامى والنائب فى مجلس الشعب المنحل عن الحرية والعدالة ومحمد سمير أحد شيوخ السلفية فى مصر.
ومن الواضح أيضا أن رئاسة الجمهورية رفضت وساطة الجماعة الإسلامية، فمنذ ساعات قرأت تصريحا للسيد عبود الزمر عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، إن الجماعة تنتظر رد الرئاسة على تصورها بشأن حل مشاكل سيناء وأنها تعكف حاليا على تشكيل وفد يضم شخصيات بارزة داخلها لزيارة سيناء للتباحث مع الأخوة فى سيناء حول جميع المشكلات الخاصة بالمنطقة، خصوصا أن تصور الجماعة يتضمن إنشاء هيئة خاصة لتنمية سيناء، وأكد الزمر أن هناك حالة ثقة شديدة بين الجماعة الإسلامية وجميع التيارات الإسلامية فى سيناء، مما يعزز فرص نجاح جهودنا لتهدئة وتطبيع الوضع فى المنطقة.
لكننا بتصريح المصدر العسكري (سنضرب بيد من نار) يتبين أن ملف المفاوضات والحلول السياسية قد أغلق تماما وأنه لا حل إلا الأمني والتدخل العسكري لضرب هؤلاء الجهاديين بيد من (نار)، وهكذا عدنا إلى حلول مبارك وحاشيته حينما كانوا يواجهون الفكر بالنار والرصاص.
ثماني سنوات منذ تفجيرات سيناء التى وقعت بين عامَى 2004 و2006 والسلطات المصرية تواصل النفي والاعتراف بوجود جماعات جهادية داخل شبه جزيرة سيناء، لكن هذا النفى لم يعد مقنعا بعد أن أعلنت هذه الجماعات فى بيانات وتصوير مرئى عن وجودها بقوة داخل سيناء وأنها تعمل منذ سنوات قضتها فى التدريب والتسليح والاستعداد للمواجهة المسلحة مع العدو الصهيونى انطلاقا من سيناء.
البيانات الجديدة التى صدرت خلال الأسابيع الماضية تؤكد وجود ثلاثة تنظيمات جهادية رئيسية بسيناء إضافة إلى عدة عناصر جهادية أخرى منفردة، هى «الجماعة السلفية الجهادية» و«مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس» و«أنصار بيت المقدس»، وهى أهم التنظيمات الجهادية بسيناء.
التنظيمات الجهادية الثلاثة تتفق في ما بينها على أن سلاحها موجه إلى العدو الصهيوني وتنفى تماما أى صلة لها بالهجوم على الجنود المصريين بالنقطة الحدودية، الذى أسفر عن مقتل 16 جنديا مصريا، وتتفق أيضا هذه التنظيمات فى العمليات التى قامت بتنفيذها انطلاقا من سيناء، فالتنظيمات الثلاثة أعلنت فى بيانات منسوبة إليها أنها ضربت بالصواريخ مدينة إيلات، أو كما يطلق عليها أم الرشراش المصرية، وأنها ضربت أيضا خط تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل والأردن لوقف ضخ الغاز الطبيعي إلى إسرائيل.
التنظيمات الثلاثة تؤكد أيضا أنها مستمرة فى جهادها ضد إسرائيل انطلاقا من سيناء على الرغم من الحملة العسكرية الموسعة التى تشنها مصر حاليا بسيناء وتستخدم فيها آليات وقوات عسكرية لم تدخل سيناء منذ عام 1979.
وجماعة «أنصار بيت المقدس» الجهادية هى أحد أشهر التنظيمات الجهادية بسيناء، وكانت أول تنظيم جهادى يعلن عن نفسه بسيناء بشكل علنى في تصوير مرئى حاول تنفيذ عملية ناجحة لتفجير خط الغاز الطبيعي هذا التنظيم أعلن مسؤوليته عن إطلاق صاروخين «جراد»، على مدينة إيلات جنوبي إسرائيل وأكدت الجماعة في بيان لها استمرار عمليتها ضد اليهود.
أما «شورى المجاهدين» فهو التنظيم الجهادى الثانى الذى أعلن عن نفسه بسيناء فى شهر يوليو الماضى من خلال تصوير مرئى ظهر فيه اتخاذ هذا التنظيم من سيناء مركزا لعملياته ضد إسرائيل، وأيضا معرفته الجيدة بصحراء سيناء والحدود مع إسرائيل ووجود عناصر عربية بهذا التنظيم داخل سيناء إضافة إلى امتلاكه أسلحة ووسائل اتصال حديثة للتدريب العسكرى العالى لعناصره.
أما التنظيم الثالث والأخير فهو السلفية الجهادية بسيناء هذا التنظيم الذى لم يكشف عن نفسه من قبل فى أى تسجيلات مصورة. يبدو هو الأضعف بين التنظيمات الجهادية الثلاثة، ويبدو أنه يعمل بشكل منفرد وليس له صلة بالتنظيمات الجهادية خارج مصر. هذا التنظيم الذى فقد ستة من عناصره ما بين قتيل وجريح فى الحملة الأمنية المصرية الأخيرة أجبرته هذه الضربة الموجعة فى ظل الحملة العسكرية المصرية الموسعة إلى الخروج عن صمته ليعلن عن نفسه، وأصدر تحذيرا شديد اللهجة للجيش المصرى بأنه إذا استمر استهداف عناصره فسيُضطرّ إلى مقاتلة الجيش المصرى.
ومن الواضح أن شبه جزيرة سيناء وخصوصا المنطقة الوسطي منها تضم عددا من التيارات التكفيرية والجهادية، وهى جماعات تكفيرية جهادية ترفض بشكل مطلق عودة سيادة الدولة المصرية على سيناء بشكل كامل، بل وتسعي لإنشاء امارة اسلامية هناك انسجاما مع رغبة هذه الجماعات
تركيز هذه الجماعات علي سيناء ينسجم مع ظاهرة الهجرة الي الاوطان التي تؤمن بها هذه الجما عات وتأسيس نوع من الكجيتو للإقامة فيه وإقرار تشريعات معينة فيه تنسجم مع معتقداتها خصوصا ان سيناء بها مناطق شاسعة وفوضي امنية تتيح لها العمل بحرية وقوة، وظهرت تلك الجماعات فى استعراضات علنية بالمدن الحدودية يوم مقتل بن لادن، وهم يرتدون ملابس سوداء ويرفعون أسلحتهم
تلك الجماعات لم تستوعب متغيرات الوضع المصرى فى مرحلة ما بعد الثورة، واعتقد من يتولون أمرها أن فرصتهم قد حانت لفرض سيطرتهم على الأرض وأيضًا الثأر لمن قتل منهم أو عذب أو نكل بأسرته فى أحداث تفجيرات سيناء عام 2005، في عهد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، والتى على إثرها تم اعتقال عدد منهم وتصفية آخرين.
والمشكلة الأكبر هي في العلاقات الوثيقة التي تربط بين الجماعات الجهادية في سيناء ومثيلاتها في قطاع غزة، لقد أصبحت الجماعات السلفية الجهادية بقطاع غزة لاعباً رئيسياً فى أحداث سيناء الأخيرة، وتحديداً فى السنوات الخمس الأخيرة، بعد سيطرة حركة حماس على القطاع الفلسطينى منذ عام 2007، وتبرز جماعات التوحيد، والجهاد، وجيش الإسلام، وجماعة جلجلت، وجماعة جند الله، كأهم التنظيمات التى باتت تتعاون مع جماعات الجهاد فى منطقة سيناء.
والسلفية الجهادية هى الرابط الفكرى المشترك بين الجماعات على الجانبين، والأدبيات المشتركة لهم قريبة من فكر تنظيم القاعدة، وتتمثل فى تكوين نظام عالمى ضد إسرائيل وضد حكومات المنطقة العربية وضد الديمقراطية، وهذه الجماعات فوضوية ترفض كيان الدولة وقليلة التنظيم وكياناتها سائلة.
والتعاون بين العناصر الموجود فى منطقة سيناء وبين عناصر قطاع غزة زادت بفعل الفراغ الأمنى بعد الثورة، ومع تشديد حماس قبضتها على جيش الإسلام بقيادة ممتاز دغمش وشقيقه معتز دغمش، وهو ما دفع العناصر الإسلامية فى غزة إلى البحث عن أماكن للحركة كان أقربها وأنسبها منطقة سيناء ولتوحد الأدبيات التى تقوم عليها الجماعات فإن تعاونهما كان أمراً سهلاً، ومجال التعاون بينهما يمتد للدعم اللوجيستى والمالى وما يتعلق بالسلاح.
وتتراوح أعداد المنتمين للتنظيمات الجهادية في سيناء بين 1000 و2500 عضو حيث إنها تنظيمات محدودة العدد ولا تحظى بدعم وتأييد أهالى سيناء، وبالتالى يعيش أعضاؤها فى عزلة ولا يختلطون بالمجتمع المحيط بهم، كما أنه لا يوجد لهم قادة تنظيميون.
وإذا ما حاولنا تتبع مصادر تمويلهم فسنجد أنهم يحصلون عليه من عصابات الجريمة غير المنظمة التى تهرّب لهم الأموال من إسرائيل، كما أن تجارة السلاح وتهريب البضائع من خلال الأنفاق تدر عليهم أموالاً طائلة، وأحياناً تهريب المخدرات عبر الحدود الدولية يدر عليهم أموالاً طائلة كذلك.
أما الأهداف التى يسعون لتحقيقها، من خلال أنشطتهم، فإنها غير محددة، حيث إن أعضاء التنظيم لا يملكون رؤية أو استراتيجية، ولكنهم يرفعون راية الجهاد ضد إسرائيل، ويحاولون التسلل لتنفيذ عمليات داخلها بين الحين والآخر، وهم يخططون لإقامة إمارة إسلامية فى سيناء، ويتمركز أغلب أعضاء هذه التنظيمات فى شمال سيناء، ولهم معسكرات فى جبل الحلال للتدرب على استخدام السلاح.
والمتتبع لحركة هؤلاء الجهاديون يلاحظ أنهم انتهزوا مناخ الحرية الذى أفرزته ثورة يناير لنشر أفكارهم التكفيرية فى عدد من المحافظات، على رأسها الفيوم والشرقية والإسماعيلية وسيناء، خاصة فى العريش، كما لوحظ، عقب الثورات العربية، النشاط الكبير لتنظيم القاعدة فى شمال إفريقيا، حيث نشط تنظيم "القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي"، ثم تبعه ظهور جديد للقاعدة فى سيناء، تحت مسمى "أنصار الجهاد فى سيناء"، وأثار ظهور هذا التنظيم الكثير من المخاوف، منها على سبيل المثال، عودة العنف الدينى المسلح من جديد، وكذلك عودة العمليات الإرهابية التى عانتها مصر فترة طويلة من الزمن، بعد أن تم القضاء عليها.
وقد تمثل الظهور الإعلامى الرسمى للقاعدة فى مصر، من خلال بيان صدر عن جماعة أطلقت على نفسها " جماعة أنصار الجهاد فى سيناء"، وهو بيان مبايعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
واحتوى البيان الصادر بتاريخ 23 يناير2012 ، ما نصه " إلى أميرنا الحبيب، وشيخنا المفضال، أبي محمد أيمن الظواهري ، حفظك الله ونصرك وأعانك، من جنودك في سيناء الحبيبة في أرض الكنانة، نبايعك على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وأثرة علينا، فارم بنا حيث شئت، فلن ترى ولن تسمع منا إلا ما تقر بها عينك، وتشفي بها صدرك، فلن نقر ولن نستسلم إلا على آخر قطرة من دمنا في سبيل الله، وحتى يحكم الإسلام بعون الله تعالى. وفقكم الله شيخنا الحبيب المجاهد إلى ما فيه الخير للإسلام والمسلمين، ونسأل الله أن يحفظكم بحفظه، وأن يحفظ قادة الجهاد في كل مكان إنه ولي ذلك والقادر عليه"، واختتم البيان بتوقيع " جنودكم في جماعة "أنصار الجهاد في جزيرة سيناء".
وكان بعض عناصر "أنصار الجهاد"، قد أفرجت عنهم وزارة الداخلية بعد اعتقالهم، في إطار فتح صفحة جديدة. ولكن بعد خروجهم من المعتقل، عادوا إلى سيناء وانضموا للتنظيم، وتم تدريبهم في قطاع غزة على جميع فنون القتال، واستخدام مدافع الهاون، وجميع أنواع الأسلحة والتدريب، وتجميع المتفجرات وتفكيكها وتفجيرها بالأسلاك الكهربائية.
كل هذا يوضح خطورة هذه التنظيمات الجهادية، كما لا يخفى على أحد أن لهم خصومة مع الجيش، وتحديدا بعد أن حاصرت قواته اعتصام العباسية وفضته بالقوة، ما أدى إلى قتل 6 من عناصر الجهاد، وهذا هو السبب الأرجح فى أنهم اختاروا الجيش للثأر منه في عملية رفح خاصة وأن عقيدتهم تكفر الجيش والشرطة والمخابرات.
أعضاء التنظيم وغيرهم من التكفيريين ينطبق عليهم حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذى تنبأ بظهورهم وقال إنهم من الخوارج الذين أجاز الرسول عليه السلام قتلهم، لأنهم بمثابة فتنة تهدد الأمة، وقال: «قال الرسول (طوبى لمن قتلوه أو قتلهم)».
لكن العلاج الأمنى ليس حلا كافيا وأتمنى أن يحدث بالتوازى معه علاج فكرى لتلك التيارات، لقد نجحت إسرائيل فى اختراق هذه التنظيمات ولديها معلومات تفصيلية عن تحركاتها وأنشطتها سواء فى غزة أو سيناء، ومن المؤكد أن المخابرات المصرية تمتلك من المعلومات ما هو أكثر ويفيد في عملية المحاورة الفكرية والسياسية شريطة إسنادها لمن هم أهل لها.
نحن جميعا نعلم أن الجماعات التكفيرية لن تصمت خاصة بعد تحركات الجيش واستخدامه العنف وقتل بعض أعضائها، ويجب علينا عدم التقليل من قدرة هذه الجماعات التنظيمية والتسليحية بعد تهريب أعداد كبيرة من الأسلحة من ليبيا والسودان إلى مصر،إضافة إلى أن الحرب مع هذه الجماعات لن تكون حربا نظامية بل حرب عصابات، فهم يضعون مدافع الآر بي جي فوق اكتافهم ويندسون وسط المناطق المأهولة بالسكان ومن الصعب على الدبابات والعربات المجنزرة أن تحصدهم بل هي لن تصل إليهم إلا بعد سقوط العديد من ضحايا بدو سيناء مما يزيد المشكلة تعقيدا.
والأمر الآخر الذى يدعو إلى القلق هو احتمال اتحاد قوى السلفيين الجهاديين فى غزة وسيناء مما من شأنه خلق بيئة مواتية لتنظيم القاعد وبهذا تصبح سيناء فى ظل غياب الأمن والاهتمام بتنميتها نسخة مشابهة لما يحدث على الحدود الأفغانية الباكستانية من انتشار الجماعات الجهادية وخلايا تنظيم القاعدة.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)